عمارة للقضاء ورموز للعدل
يقول الله تعالي «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب»، ويرى أن الحياة لا تقوم إلا بالعدل والانصاف وإقامة القصاص بين الناس وإعطاء كل ذي حق حقه، وهذا لا يتأتى إلا بتطور نظام قضاء له عمارته وفضاءاته التي تقام فيها العدالة.
مباني المحاكم في العادة غالبا ما تكون «رسالة» بصرية تبين قيمة العدل وقوة الحكم وهيبة القضاء، وهذه العناصر الثلاثة القوية عندما تجتمع يفترض أن تشكل عمارة هيكلية ذات تأثير بصري واضح وتكوين يمكن تمييزه عن بعد.
أن عمارة «القضاء» تبدو في الغالب محلية وذات حس تقليدي «تاريخي»، وهذا أمر متعارف عليه تقريبا في جميع أنحاء العالم، على أن هذا لا يعد أمراً إلزامياً
ما نود التأكيد عليه هنا هو أن عمارة «القضاء» تبدو في الغالب محلية وذات حس تقليدي «تاريخي»، وهذا أمر متعارف عليه تقريبا في جميع أنحاء العالم، على أن هذا لا يعد أمرا إلزاميا، رغم أن الصلابة والقوة والهيبة والاحساس بالانتماء هي أجزاء أساسية من العمارة التاريخية القضائية الأمر الذي يجعلها مطلوبة في هذا النوع من العمارة. عمارة المحاكم التي نعرضها هي محاولة لإيجاد نمط معماري شبه موحد يبين فكرة «مجمع المحاكم» وما يتطلبه من وظائف وكيف يمكن أن يعبر عن عمارة محلية في مناطق المملكة العربية السعودية.
أنماط مباني المحاكم تبدو هنا متوازنة بصرياً تعبر عن فكرة «الوسطية» مع التركيز على محورية بصرية واضحة
فكما نعرف جميعا أن المملكة تملك تراثا عمرانيا متميزا في كل منطقة من مناطقها وبناء مباني موحدة مقبولة يضعنا على طريق فكرة «العمارة المحلية المفتوحة» والمقصود هنا هو أن هذه العمارة قادرة على التكيف محليا والتفاعل مع محيطها الجغرافي دون أي إشكالات. كما أن هذا النوع من المباني غالبا ما يتكامل فيه «التجريدي» و «التاريخي» وتطغى عليه قيمة التناظر البصري التي تعطيه هيبة ورزانة وهدوء تتوافق مع عمارة القضاء التي يجب أن تبتعد عن البهرجة والاضافات الغير ضرورية. أنماط مباني المحاكم تبدو هنا متوازنة بصرياً تعبر عن فكرة «الوسطية» مع التركيز على محورية بصرية واضحة يمثل المدخل أهم العناصر التي تشير إلى المبنى والذي يستمر تأثيره حتى داخل المبنى بحيث يتوزع المبنى من الداخل إلى فضاء مركزي أساسي تحيط به أربع كتل شبه مربعة تمثل وظائف المبنى المختلفة مع بقاء المركز للحركة. الفكرة بسيطة وتنعكس بشكل مباشر على التكوين الخارجي وتحقق الوظائف المطلوبة بشكل كامل. عمارة القضاء تتطلب المزيد من الدراسة ومن التطوير، وهذا أمر لا شك فيه، وهذا يحتاج إلى فهم المعاني التي يجب أن توصلها هذه العمارة للجمهور وكيف يمكن أن تساهم في بناء هوية المدينة والتأثير فيها ثقافيا وبصريا، فمشكلة هذه العمارة حتى اليوم هي أنها لم تستطيع بعد التأثير في عمارة المدينة ولم تساهم حتى الآن في بناء شخصيتها وهويتها.
إضافة تعليق جديد