المهندس : إبراهيم عبد الله أبا الخيل
يعتبر الحد من إستهلاك الطاقة اليوم هدف أساس لدول العالم ، وفي المملكة العربية السعودية تم إنشاء مركز كفاءة الطاقة بهدف الحد من إستهلاك الطاقة الكهربائية القائمة على الطاقة الأولية البترول.
وإن كان إنشاؤه جاء متأخراً بعض الشئ إلا أن فكرته رائدة، وما هو مفترض أن يحققه ضروري جداً لحل مشاكل الطاقة.
منذ إنشاء المركز ظهر بوضوح أهمية تحقيق مبدأ كفاءة الطاقة في المباني لأن استهلاكها للطاقة كبير، ولأن هناك إمكانيات متاحة في مجال البناء لخفض إستهلاك الطاقة في المباني.
في الأشهر القليلة الماضية قام المركز بإحدى خطواته نحو تحقيق كفاءة الطاقة في المباني بأن توجه إلى المواطنين لحثهم على إستعمال العازل الحراري في المباني. كما توجه إلى المكاتب الهندسية بضرورة تطبيق العزل الحراري في المخططات الهندسية لتنفيذ المباني بل قرر أنه سيتم محاسبة المكاتب الهندسية التي لن تطبق في مخطط العزل الحراري.
وإذا كان هدف المركز هو التوفير في الطاقة إلا أنني أعتقد جازماً أن التركيز على الجوانب التفصيلية أو الفرعية … في المباني وهو العزل الحراري ليس الأسلوب المناسب للحصول على النتائج الإيجابية للتوفير في الطاقة.
فعندما بدأ العالم تطبيق مفاهيم الإستدامة كان لابد من إعادة النظر في كل علوم البناء، فتم مراجعة المواد وأنظمة البناء وإعادة صياغة طرق التصنيع والتنفيذ بما يتلائم مع مواصفات الاستدامة التي تنظر إلى البناء من منظور جديد هو منظور الإستدامة.
ولقد تم إعادة النظر في مفهوم العزل الحراري في المباني وتصنيفه تحت بند جديد هو الكفاءة الحرارية للمباني التي أصبحت هي القياس الجديد والتي يندرج تحتها كافة الإجراءات التي يجب إتخاذها بما في ذلك العزل الحراري لتحقيق التوفير في الطاقة.
لقد أصبح العزل الحراري للمبنى أحد بنود هذه الكفاءة وأصبح ترتيبه من حيث مراحل البناء بعد مرحلة تطبيق معايير تصميمية تعرف بالتصميم البيئي للمباني، و الذي يهدف إلى ملائمة البناء مع البيئة الخارجية المحيطة أو الموقع الجغرافي، ( المناخ، المواد المتوفرة للبناء، … إلخ). في هذه المرحلة لايتم التطرق إلى اختيار المواد العازلة.التصميم البيئي للمبنى هو محصلة ثلاث مكونات : التصميم الملائم لفصل الشتاء، والتصميم الملائم لفصل الصيف، والتصميم الملائم للإضاءة الطبيعية. يتم بعد ذلك جمعها ودمجها والموائمة بينها في تصميم واحد هو التصميم البيئي.
في الماضي كانت العمارة التقليدية كلها عمارة ذات تصميم بيئي أدى إلى إنتاج مباني ذات تنوع وثراء معماري تأثرت بالموقع الجغرافي لهذه المباني، لم تكن هناك كهرباء أو تكييف أو عوازل حرارية مصنعة ومنتشرة في العالم كما هو الحال اليوم، .
في منطقتنا الحارة يركز التصميم البيئي على توفير الظلال للمباني من خلال زراعة الأشجار واستخدام الأفنية الداخلية التي تسمح بالتهوية والإضاءة الطبيعية واستخدام فتحات صغيرة في الواجهات الخارجية التي تقلل من تعرض المباني للحرارة. واستخدام الألوان الفاتحة للغلاف الخارجي لعكس الحرارة و إستخدام جدران سميكة لتأخير وصول الحرارة إلى داخل المبنى، وهناك طرق أخرى لتحقيق التصميم البيئي من خلال تخطيط المدينة. من حيث تلاصق المباني بين بعضها البعض والطرق الضيقة بين المباني، ويمكن أن نرى مثالا حديثاً على ذلك في مدينة مصدر في أبوظبي.
إلا أن التخطيط والتصميم البيئي ليس أمراً سهلاً، لأن هناك متطلبات حياتية أخرى وأنظمة وقوانين تخطيط وبناء يجب أن تتماشى معها قطعة الأرض والمبنى، الأمر الذي يستدعي مكاتب هندسية لديها قدرات تصميمية عالية لتحقيق هذا التصميم.
من جهة أخرى فإننا عندما نتكلم عن العزل الحراري فهذا يعني عزل الغلاف الخارجي للمبنى ولأن الغلاف الخارجي للمبنى يتم تصميمه قبل تصميم العزل الحراري، فإن ذلك يؤكد فكرة أولوية التصميم البيئي. لذلك فإن التخطيط والتصميم البيئي يأتي في المقام الأول من حيث تحقيق الكفاءة الحرارية، لأنه يمهد لما سيأتي من بعده من إجراءات ومنها العزل الحراري للمبنى. ونحن هنا لانريد أن نتناول كل جوانب التصميم البيئي بقدر ما نريد أن نتطرق إلى الإجراءات التي أتخذت مؤخراً لتحقيق كفاءة الطاقة في المباني والتي تمت من خلال حملة دعائية تم التركيز فيها على العزل الحراري أولاً بدون شرح موقعه من التصميم كله وبدون التطرق إلى موضوع الكفاءة الحرارية للمبني وخصوصاً مفهوم التصميم البيئي، ولذلك فإن الصورة التي نقلت للمواطن هي صورة غير واقعية، ومن حيث المفهوم العام للتوفير في الطاقة ظهر وكأن العزل الحراري هو الحل الأول والأخير. الصورة التي نقلت تجاهلت العصر الذي نعيش فيه والذي ينظر إلى المباني بمفهوم جديد هو مفهوم الإستدامة. والأمر الآخر والأهم هي تلك الصورة التي نقلت إلى المكاتب الهندسية المحلية والتي تجاهل فيها المركز أولوية التصميم البيئي وركز على عزل الغلاف فقط، بينما أن دور المكتب الهندسي الأكبر والأول هو حل مشاكل الطاقة بواسطة دوره الأساس وهو تصميم المبنى وجوانبه البيئية. وفي رأيي أن هذا انتقاص لدور المكاتب الهندسية وتحجيم لدورها، ولذلك أدعو إلى إعادة فتح النقاش بين المركز وبين المكاتب الهندسية على أساس الدور التصميمي للمخططين و للمهندسين من وجهة نظر التوفير في الطاقة. والذي أراه من وجهة نظري أن دور التصميم في تحقيق كفاءة الطاقة في المبنى أهم بكثير ولا ينحصر فقط في مجرد وضع عازل حراري داخل جدران المبنى، بل يجب على المركز أن يقوم بالتوجه إلى القائمين على تخطيط المدينة وأحيائها وكذلك القائمين على التصميم المعماري والهندسي لحثهم على تفعيل دورهم في توفير الطاقة وكفاءتها.
الملاحظة الأخرى التي يجب التطرق إليها أن المكاتب الهندسية المحلية والجهات القائمة عليها، (أمام هذا الإغفال لدورها في تشييد المباني وفي مقدرتها ومسئوليتها على ترشيد الطاقة وتحقيق كفاءتها في المباني) لم تحرك ساكناً وكأن الأمر لايعنيها، ولم تستغل ما حدث للدفاع عن المهنة وأهميتها، ليس فقط من حيث الجانب الجمالي بل من حيث ما يمكن أن يحققه التصميم على صعيد المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وإذا كانت هناك بعض الأصوات التي نسمعها من وقت إلى آخر تطالب بضرورة إعادة النظر في أتعاب المكاتب الهندسية، فإن موضوع التوفير في الطاقة من خلال التصميم الهندسي والتخطيط هو أحد الجوانب الهامة التي يمكن أن يتفهم المجتمع من خلالها صعوبة هذه المهنة وعظم دورها في رفع مستوى حياة الإنسان وضروروة رفع أتعابها مقابل دورها هذا، وفي هذا الصدد لماذا لايتم مقارنة دور تصميم المباني في توفير الطاقة بالمجهودات الأخرى المبذولة لإستبدال البترول بالطاقة الشمسية والتي ستكلف الدولة أموالاً طائلة لتحقيقها.
Hassan A Bargah says
أمل ارسال عناونكم للتواصل معكم حيث لدينا مواد ديكورية بديلة عن البويات التقليدية موفرة للطاقة
mabaalkhail says
يمكنك التواصل معنا عبر الارقام التالية
+966114642556/+966114641398/+966114614170
Hassan A Bargah says
(ولنا جناح بمعرض الحارثي ( البناء والديكور من 11- 14 2015
Aladdin Taher says
نعم التصميم البيئي هو الأصل والعزل الحراري هو الفرع ، والعوامل الأخرى مهمة جدا . ورغم كل ذلك يبقى العزل الحراري هو العنصر الأهم وتتراوح أهميته من 50-70% من مجمل العوامل المؤثرة في ترشيد استهلاك الطاقة ، خاصة لمنطقة حارة مثل المملكة العربية السعودية ودول الخليج عموما
كما أن تقنين قيم الموصلية الحرارية وبالتالي قيم العزل الحراري ليس جديدا ، فهو موجود في كل المواصفات العالمية بلا استثناء. بل إن المملكة قطعت شوطا متقدما بأن فرضت قيم موصلية حرارية أقل من جيرانها وركزت وبدأت بالمباني الحكومية
إلا أنه لا تزال هناك ثغرات في القوانين الجديدة منها
– لا يوجد لائحة عقوبات للمخالفين
– لم تعالج اللائحة الجديدة الجسور الحرارية في الأعمدة والجدران
– لم تضع آلية ولا رقابة لتنفيذ لائحة العزل في المباني الحكومية
– ضعف التدريب وثقافة العزل الحراري لدى المفتشين المعينين لهذه الغاية
– وجود فجوات في اللائحة لم يتم تغطيتها ، مثل آلية اعتماد المصانع أو أنظمة البناء الجديدة أو حتى الاختراعات والأفكار الجديدة سواء في العزل أو في تصميم المبنى,
من هنا أدعو لتظافر الجهود في هذا المجال من خلال تكوين فرق عمل لتغطية كل هذه الجوانب والثغرات والاستفادة من الأبحاث المحلية والعالمية وتشجيع البحث العلمي والتطوير في مناخ من التكمل التصميمي البيئي مع شيء من التركيز على العزل الحراري لأهميته النسبية
عدنان says
نتمنى ذكر اسماء مواد العزل المناسبة والتي تكون صديقة للبيئة واسم الشركة المنتجة والمواصفات