حركة الماء وغرابة الشكل
تصدمنا بعض الاشكال السائلة لأنها ترفع القيود على الشكل ولم يعد للبعد الإنشائي أي تأثير فقد هيمن المصممون على النظم الانشائية وطوعوها حتى أنها لم تعد تشكل أي عائق يمكن التوقف عنده. أنها قفزة معمارية تتجاوز القيود البصرية التقليدية وتصنع فضاءات عمرانية غرائبية لا يمكن توقعها أبداً. يعبر هذا المبنى، الذي يقع في المتنزه الأولمبي، عن حركة الماء بشكل مدهش فسيولة الشكل ومرونته مبهرة حتى أننا نشعر أن التكوين بأكمله عبارة عن قطرة ماء في حالة حركة دائمة، كما أنه يصنع فضاءات تذكرنا ببيئة النهر، أنها حالة معمارية يشهدها العقد الثاني من الألفية الثالثة بمزيد من الثقة نحو تأكيد الشكل المنفلت من القيود الذي يتلذذ بخرقه لكل المعادلات الانشائية المتعارف عليها، شكل في غاية السيولة «يتحرك في سكون». الشكل هنا يظهر وكأنه يتكون بنفسه فهو يظهر كموجة تتحرك لتشكل قطرة ماء كبيرة لكنه في نفس الوقت يتوقف عند اللحظة الأخيرة لتكون هذه القطرة فهو يشعرنا دائما بأن هناك شيء في طريقه كي يكتمل. المبنى في تعبيره الرمزي عن الألعاب المائية صمم بحيث يلبي احتياجات دورة العاب لندن 2012م بحيث يسع17500 متفرج، كما تم وضع أحواض السباحة الثلاثة على محور واحد بحيث وضع حوض السباحة الخاص بالتدريب تحت جسر، بينما تركت الأحواض الأخرى ضمن التغطية الأساسية للمبنى. يعبر التكوين عن عمارة زها حديد النحتية والتي تعتمد بشكل أساس على سيولة الشكل والتحدي الإنشائي. العلاقات الداخلية النحتية تشكلها مقاعد المتفرجين والفضاء الواسع الذي يغطيه السقف الرئيس مع تشكيلات تفصيلية تعمق الصورة غير المعتادة للصالات الرياضية، فنحن هنا أمام عمل معماري متفرد يشكل مفصل متحول تشهده العمارة التقنية المعاصرة التي يبدو أنها تتحدي باستمرار كل مبادئ العمارة التي تعودنا على مشاهدتها في السابق.
إضافة تعليق جديد