عرض: المهندس إبراهيم عبد الله أبا الخيل
الكاتبة الرئيسة : آريل مصبونجي
الناشر : Le Moniteur
يهتم هذا الكتاب الذي شارك في تحريره عدداً من المتخصصين بمجالات الطاقة وتخطيط المدن و أهمية دمج الطاقة مع مشروعات تخطيط المدن، وتحاول الكاتبة الرئيسة التعريف بأهمية دراسات تخطيط المدن في خفض استهلاك الطاقة حيث ترى الكاتبة أن مشاكل الطاقة أصبحت شأناً تقنياً يكاد يكون حكراً على المتخصصين في الطاقة، مما جعل مجال الطاقة وتخطيط المدن عالمين منفصلين. ولذلك يجب التعريف بمجال الطاقة لجعل علمه مستساغاً على كافة مستويات التخطيط العمراني بحيث يمكن تحديد مشاكل الطاقة في كل مشروع تخطيطي و تحديد سبل حلها.
في الماضي لم تهتم مشاريع التخطيط بمشاكل الطاقة لأن الطاقة كانت متوفرة ورخيصة، وفي بداية السبعينيات الميلادية بدأ المخططون يشعرون بضرورة المحافظة على البيئة وتوفير الطاقة على مستوى تخطيط المناطق والمدن.
وبالرغم من جهود خبراء الإقتصاد في التوعية العامة والمتخصصة بضرورة التوفير في الطاقة والمحافظة عليها ، إلا أن إرتفاع معدلات الطلب عليها يزداد يوماً بعد يوم لأسباب مختلفة منها استخدام آلات وتقنيات أكثر استهلاكاً للطاقة والزيادة السكانية والحاجة إلى تحديث المباني القائمة .
ويقدر الباحثون أنه بحلول عام 2050م سيغطي إنتاج الطاقة 50 ٪ فقط من الطلب عليها حتى بعد إضافة إنتاج الطاقة المتجددة والذرية.
تمثل المدن والمناطق المفتاح لحل مشاكل الطاقة حيث تستهلك المدن أكبر قدر من الطاقة ، كما تتوفر في المدن الإمكانات القادرة على حل مشاكل الطاقة . وإذا كانت المدن تغطي 3٪ من مساحة الكرة الأرضية، إلا أنها تستهلك ثلاثة أرباع الموارد الطبيعية وهي المسئولة عن 75 ٪ من نسبة إنبعاث الغازات الدفيئة. وبالرغم من هذا فإن التنمية العمرانية تظل أكثر المجالات التي لم تتبنى بشكل كامل مشاكل الطاقة مقارنة بقطاع البناء الذي تم التركيز فيه على مشاكل الطاقة.إلا أننا يجب أن نلفت الإنتباه إلى أن الإهتمام بمشاكل الطاقة في مجال البناء ليس كاملاً، فمازالت المباني التي أقيمت قبل تطبيق السياسات وقوانين المحافظة على الطاقة بحاجة إلى حل، وكذلك الحال بالنسبة لنمو قطاع الآلات المكتبية والمنزلية والاتصالاتية الذي يمثل طلباً متنامياً وهائلاً على الطاقة. ولذلك تمثل المدن وامتداداتها مجالاً واسعاً ومؤثراً في أنظمة إنتاج وإستهلاك الطاقة نظراً للكثافة السكانية والعددية التي تمثلها هذه المدن. ولذلك كان من الطبيعي أن توكل مسئولية إدارة مشاكل الاحتباس الحراري والاستدامة إلى إدارات المدن، وهذا الذي حدث في مؤتمر كيوتو (1992م). إن الحاجة المتنامية للطاقة سيدفع إلى البحث عن حلول جديدة لتخطيط المدن يمكن من خلالها خفض استهلاك الطاقة والتقليل من تأثير الاحتباس الحراري.
ويرى الدكتور مندجيد ميازيا (معماري ومهندس مدني واستاذ تخطيط وإدارة المدن) إلى موضوع الطاقة من خلال الاستعمالات المنزلية الجديدة التي تزيد من الإستهلاك، فبالإضافة إلى الزيادة السكانية الطبيعية هناك احتياجات إلكترونية جديدة دخلت في إطار حياتنا اليومية وخاصة في استعمالات المسكن، ويلاحظ أن هذه الاستعمالات أصبحت تستهلك مزيداً من الطاقة ، كما أنه بالرغم مما يعتقده البعض فإن استخدام وسائل النقل العام لن يقلل من استهلاك الطاقة بل سيزيده .
وفي مجال العمل المكتبي يلاحظ الدكتور ميازيا أن آلات التواصل وإدارة العمل الحديثة تعتمد أكثرها على الكهرباء وتستهلك طاقة هائلة .
وفي هذا الإطار يرى أنه على المدى المتوسط ستشكل تكلفة الطاقة أعباء مالية كبيرة على سكان المدن، وهذا سيدفع إلى البحث عن حلول لخفض هذه التكلفة على مستوى تخطيط وإدارة المدينة، مثل علاقة السكن بالعمل وحركة النقل.
من جهة أخرى تناولت الكاتبة الرئيسة أريل مصبونجي مثالاً للبحث عن حلول جديدة لتوفير الطاقة مثل المسابقة العالمية (Solar Decathlon) التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2002م من خلال جامعاتها، والتي تقام سنوياً مرة في أمريكا ومرة في أوروبا، و تهدف إلى إشراك دول العالم في البحث عن حلول عالمية لتوفير الطاقة في قطاع الإسكان.
وترى الكاتبة أن المسابقة تجربة رائدة في كونها تعرف بمشاكل الطاقة وعلاقتها بالمسكن من خلال حلول محلية تختص بكل منطقة أو بلد. وتقترح أن يتم الاهتمام كذلك بإيجاد حلول على مستوى تخطيط المدن كما في هذه المسابقة، وضرورة البحث عن حلول يمكن تعميمها عالمياً مثل كيفية التعامل مع إنتاج الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية وتداول هذه الطاقة على المستوى العالمي.
يُعرّف الاستشاري فلوريان ديبونت أنواع الطاقة، فهناك الطاقة الرمادية وهي الطاقة التي تستهلكها مواد أو منتجات البناء في تصنيعها أو إعادة تدويرها، وهناك الطاقة البيضاء وهي الطاقة التي يستهلكها المنتج طيلة عمره، وهناك أنواع مختلفة للطاقة البيضاء :
ـ الطاقة الأولية : وهي الطاقة في حالتها الأولية مثل : البترول، الغاز الطبيعي، الفحم، أشعة الشمس … إلخ.
ـ الطاقة الثانوية وهي الطاقة بعد تحويلها وقبل أن يتم استعمالها.
ـ الطاقة النهائية وهي كمية الطاقة بعد خصم استهلاك الطاقة الناتج عن التصنيع والتحويل و الهدر الناتج عن عمليات النقل والتوزيع والتي يتم استعمالها من قبل المستخدم النهائي. ويرى الإستشاري ديبونت أن هذا المسار من الطاقة الأولية وحتى الطاقة المستخدمة بحاجة إلى دراسة ومتابعة بهدف توفير الطاقة و تكلفتها.
ويرى ألن جاريس أحد المشاركين في الكتاب أن هناك علاقة بين الأشكال العمرانية للمدن واستهلاك الطاقة ومنها مثلاً التمدد العمراني للمدينة وعلاقته بزيادة استهلاك الطاقة نتيجة لتباعد الأنشطة فيما بينها وزيادة حركة النقل . كما يرى أن زيادة الكثافة السكانية لتقليل المساحات بين الأنشطة هو أحد الحلول ، إلا أنه وإن كان هذا سيحل مشكلة طول المسافات بين الأنشطة فإنه سيوجد مشاكل أخرى مثل زيادة حركة النقل في عطلات الأسبوع، وبالتالي فإن مفهوم زيادة الكثافة السكانية يجب أن يرتبط بمفهوم آخر وهو وزيادة حدة الأنشطة فيما بينها ( التسوق والترفيه والخدمات الحكومية والخاصة) كما أنه من الضروري أن يأخذ في الإعتبار أن حركة النقل والتقليل منها ليست المشكلة الوحيدة التي ترفع من إستهلاك الطاقة.
يتضمن الكتاب عدداً من المقالات التي تهتم بمشاكل الطاقة وتخطيط المدن وتركز على أهم الأهداف التي يجب الوصول إليها لتحقيق أفضل الحلول في مجال تخطيط مدن المستقبل.
إضافة تعليق جديد