لايخفى على أحد أن المكاتب المحلية تمر بحالة هندسية حرجة تتمثل في انحسار شديد للطلب على المشاريع بل وصعوبة إنهاء الأعمال الجارية نتيجة لتوقف بعض المشاريع أو توقف الصرف عليها، الأمر الذي يضع الكثير من هذه المكاتب في موقف لاتحسد عليه. فبعض هذه المكاتب وجدت نفسها مضطرة إلى التخلي عن مهندسيها ، والبعض الآخر إن كان لايستطيع التخلي عن مهندسيه لإستكمال الأعمال المرتبط بها فإنه يعاني من تأخير دفع رواتبهم. مكاتب أخرى تعاونت مع شركات خارج البلاد لإنجاز أعمالها حسب طلب عملائها، وجدت نفسها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها لتباطئ دفع مستحقاتها تجاه الشركات الأجنبية مما يسيئ إلى سمعة المكاتب المحلية خارجياً. هذه الحالة الدرامية التي تمر المكاتب المحلية بها لاتجعلها كذلك قادرة حتى على البحث عن أعمال جديدة نتيجة لأوضاعها الداخلية الخاصة بها ونتيجة لعدم الثقة في دفع مستحقاتها لاحقاً .
هذه الحالات والمواقف متنوعة وكثيرة ولاتقتصر على ماهو مذكور هنا، الوضع الحالي قد يكون وقتياً مثل تباطؤ وفاء بعض أصحاب المشاريع بالتزاماتهم المالية نتيجة للوضع المالي العام، ولكن هناك مشكلة يجب دراستها وإيجاد حلول لها حتى لاتتكرر في المستقبل، وهي ضياع الخبرات التي اكتسبتها المكاتب في الحقبة الماضية، فهناك مكاتب استطاعت اكتساب خبرات في بناء المشروعات الجامعية وأخرى في المشروعات الصحية وثالثة في المشروعات البحرية . اليوم هذه المكاتب لاتستغنى فقط عن مهندسيها، ولكنها أصبحت تعرض جزءً أو كل من مؤسساتها للبيع. أرجو أن ندرك ما يعني ذلك لمؤسسي هذه المكاتب الذين سعوا جاهدين وبذلوا الكثير من الجهد والصبر ولسنين طويلة حتى تؤسس مكاتبها وخبراتها ، ثم هي اليوم تجد نفسها مضطرة للتخلي عن ثروتها هذه، نعم هذه الخبرة هي ثروة يجب المحافظة عليها كما نحافظ على كل مكتسباتنا الوطنية والتي سعى المجتمع ككل لتأسيسها منذ أن بدأ مشوار التنمية على المستوى الوطني.
هنا أتوجه إلى هيئة المهندسين الجهة القائمة والمسئولة عن مصير هذه المكاتب القيام بواجبها تجاه هذه المكاتب ، من المؤكد أن المطلوب ليس أن تدفع الهيئة تعويضات مالية لهذه المكاتب فلن يكون هذا عدلاً بأي حال من الأحوال، ولكن المطلوب أن تبحث الهيئة عن حلول تساعد هذه المكاتب الوطنية على إجتياز هذه المرحلة الصعبة ، وأن تقف معها تجاه الشركات الخارجية لتحافظ على سمعة المكاتب المحلية، بل على الهيئة البحث عن حلول للاتفاق على جدولة الدفعات مع الجهات صاحبة المشاريع ، ووضع أولويات لدفع المستحقات للمكاتب الأكثر تضرراً.
من وجهة نظري أن الهيئة سوف تتوصل إلى حلول كثيرة للخروج من هذه الحالة الحرجة التي تواجه المكاتب الهندسية الوطنية ، المهم هو أن تتدخل الهيئة سريعاً قبل فوات الآوان.
رئيس التحرير
إضافة تعليق جديد