ترجمة المفاهيم الفنية للعمارة الإسلامية التاريخية لأذربيجان
المصمم: Zaha Hadid Architects
Heydar Aliyev Center
باكو ـ أذربيجان
مساحة البناء : 101292 م2
إنتهاء التنفيذ : 2012 م
Photos by: © Hufton + Crow / © Luke Hayes
تأثرت عمارة مدينة باكو عاصمة أذربيجان بالعمارة السوفيتية عندما كانت تابعة للإتحاد السوفيتي السابق.
تقع باكو على الشاطئ الغربي لبحر قزوين . وأذربيجان منذ إستقلالها عن الإتحاد السوفيتي في عام 1991 تستثمر بكثافة في تحديث وتطوير بنيتها التحتية وعمارتها. في عام 2007م تم اختيار مكتب زها حديد لتصميم مركز حيدر ألييف . صمم المركز ليكون أحد المباني الرئيسة في إطار البرنامج الثقافي الوطني ، يشذ عن القاعدة التصميمية للمعالم المعمارية السوفيتية التي كانت مهيمنة على عمارة العاصمة باكو بحيث يعبر أكثر عن الثقافة الأذرية وتطلعاتها أذربيجان للمستقبل.
يربط التصميم المعماري للمركز ويؤسس لاستمرارية وسيولة العلاقة بين الساحة الخارجية المحيطة وفراغات المركز الداخلية حيث ترتبط الساحة المحيطة بمبنى المركز بالنسيج العمراني للمدينة من حولها، هذه الساحة هي عبارة عن منحدر يرتفع ليبلغ مبنى المركز ويستثمر فراغاته الداخلية المرتبة بطريقة تسلسلية التي تحتوي على فعاليات جماعية تحتفي بالثافة الأذرية التقليدية والحديثة .
يأخذ التنسيق الخارجي للساحة تشكيلات متعددة من تموجات وتفرعات وطيات أو التواءات بحيث تؤدي الساحة وظائف متعددة مثل الترحيب والاحتواء والتوجيه للزائرين في الساحة الخارجية واستمراراً إلى داخل المركز بهذه التشيكلات المعمارية يلغي التصميم المعماري للمركز الحدود بين الجوانب المعمارية والعمرانية أو بين مبنى المركز والنسيج العمراني من حوله أو بين الداخل والخارج.
فكرة السيولة الفراغية في عمارة مباني باكو ليست جديدة على عمارة أذربيجان والمنطقة ، فالعمارة الإسلامية التاريخية تشتهر بصفوف الأعمدة والمباني التي تتبع شبكات متعامدة ذات نظام بنيوي منتظم ومتكرر ما لانهائياً أو كما في الزخارف العربية التي كانت تستخدم في الجدران والقباب ومروراً بالأسقف لتحقق علاقات وثيقة بين عناصر البناء وتذيب الفوارق بينها . توجه التصميم المعماري للمركز للتعبير عن هذه الأفكار والمعاني للعمارة التاريخية بدلاً من النقل الحرفي والاستنساخ من المعالم التاريخية في أذربيجان بحيث يحقق عمارة معاصرة للمركز ترتكز على مفاهيم أصيلة.
يتألف الموقع العام من الساحة المنسقة على هيئة مستويات متدرجة تشكل ممرات و مساحات خضراء والتي استغل إنحدارها لوضع مواقف السيارات تحتها، ثم مبنى المركز الذي يقع في أعلى المنحدر، هذا التوزيع يربط المكونات الثلاث : الساحة ومواقف السيارات ومبنى المركز فيما بينها ويتلافى عمليات الحفر والردم والتي كانت ضرورية في حالة عدم استغلال إنحدار الموقع.
أحد التحديات الرئيسة كانت البحث عن طريقة تصميم الغلاف الخارجي للمركز لتحقيق فكرة السيولة والاستمرارية بين المركز والساحة ووحدة التشكيلات المعمارية للساحة لمبنى المركز وصولاً للشكل العماري النهائي الفريد للمركز والذي يبدو وكأن حوائطه نبتت من الساحة أو أرض الموقع وامتدت كسيولة في استمرارية لاتفرق بين الحوائط والأسقف لتلتف حول وفوق المباني الداخلية للمركز وتغطي المبنى من جهتيه وتترك فتحات زجاجية كبيرة تربط بين داخل المركز وخارجه.
هذا التكوين كان يحتاج إلى تضافر ودمج الجهود الهندسية والتقنية لتحقيق هذا الغلاف والعمارة الداخلية للمركز حيث استخدمت برامج حاسوبية متطورة للسيطرة على هذا التصميم المعقد وتنسيق تدفق المعلومات بين كافة مجموعات المهندسين المشاركين من مختلف التخصصات .
يتكون الإنشاء من تزاوج بين هيكل خرساني وآخر معدني ثلاثي الأبعاد (Space Frame) فمن أجل تحقيق مساحات كبيرة خالية من الأعمدة دمجت الأعمدة داخل الهيكل المعدني للغلاف كجزء من الواجهات الزجاجية. لجأ التصميم إلى حلول إنشائية غير تقليدية باستخدام أعمدة مائلة لرفع المستويات الداخلية المنحدرة أو استخدام كمرات ذات كوابيل لرفع الغلاف في الجهة الشرقية من المبنى. الهيكل المعدني الثلاثي الأبعاد (Space Frame) يسمح بحرية التشكيل الإنشائي واختصار مدة التنفيذ. يحمل الهيكل ثلاثي الأبعاد جمالونات معدنية اتخذت خطوطاً انسيابية تتلائم وخطوط التشكيل الحر للغلاف وبحيث تأخذ التكسية الخارجية نفس هذه الخطوط الانسيابية .
صممت الخطوط الهندسية الانسيابية للغلاف بحيث تساعد على سهولة رسم الشكل الحر للغلاف ولتسهيل عملية البناء وبغرض إضافة معايير جمالية وتتقوى من إنسيابية الشكل المعماري للغلاف.
اختيرت الخرسانة المقواة بالألياف الزجاجية (GFRC) والمقواة بألياف البوليستر (GFPR) في تصنيع وحدات التكسية الخارجية حيث توفر هذه المواد مرونة عالية في تصنيعها بالأشكال المطلوبة لكافة أجزاء تغطيات المشروع.
إذا اعتبر الغلاف في هذا التكوين المعماري قطعة موسيقية فإن الخطوط الإنسيابية التي تفصل بين وحدات التكسية تمثل الإيقاع الموسيقي له ولذلك تم وضع دراسة هندسية معقدة لتطوير وتصنيع ونقل وتركيب وحدات التكسية بطريقة منطقية ولتلافي أي تغيير أو أضرار تطرأ على الوحدات من الإلتواءات أو فروقات حرارية أو تأثيرات زلزالية أو قوى خارجية أو تأثير الرياح.
تم دراسة الإنارة الصناعية للمشروع بعناية فائقة للتأكيد على استمرارية العلاقة بين المركز ومحيطه حيث راعى تصميم الإنارة الفرق بين الإنارة في النهار والليل التي توفر قراءتين مختلفتين للمبنى من الخارج . ففي النهار يعكس غلاف المبنى الضوء بحيث تتنوع قراءات شكل المبنى حسب حركة الشمس ويوفر الزجاج النصف المطلي امكانية الرؤية إلى داخل المبنى ولكن بطريقة غير كاملة تدعو إلى دخول المبنى لإكتشاف عمارته الداخلية. في الليل فإن الضوء ينطلق من الداخل إلى الخارج عبر الفتحات الزجاجية وتتركز قراءة المبنى على ماهو داخل المركز لتؤكد هذ الاستمرارية بين الداخل والخارج.
اتسمت عمارة مكتب زها حديد بالعمل على استغلال مكونات موقع المشروع ودمج المشروع في محيطه وتحقيق الأفاق الثقافية الوطنية لمركز حيدر الييف في أذربيجان .
إضافة تعليق جديد