إعداد : المهندس إبراهيم عبد الله أبا الخيل
تشهد محطات السكك الحديدية اليوم إقبالاً ملحوظاً بعد أن كانت مقبلة على الإهمال، وذلك نتيجة لتطور قطارات السكك الحديدية وزيادة سرعتها التي أصبحت تنافس النقل الجوي، مما أدى إلى زيادة الإقبال عليها، الأمر الذي يجعلها مجالاً إقتصادياً حيوياً هاماً، سواء في مجال نقل المسافرين أو نقل البضائع، فتطور المحلات التجارية داخل محطات السكك الحديدية أصبح أمراً معروفاً. اليوم تقدم محطات السكك الحديدية خدمات متنوعة بالإضافة إلى سرعة القطارات وتنظيم الرحلات وتوفير وسائل الراحة وتيسير الربط بين وسائل النقل ( طائرات، قطارات، حافلات، وسائل نقل … إلخ). حيث يتم دراسة حركة المسافرين وانتقالهم من وسيلة إلى أخرى في إطار مسار واحد، وتوفير كافة الخدمات في نقاط الانتقال المختلفة التي يجب أن تتواجد على طريق حركة المسافرين والمتنقلين من وسيلة إلى أخرى وتحقيق نظام إرشادي فعال لتوجيه حركتهم ، بالإضافة إلى مراكز الاستعلامات وآلات شراء التذاكر والمحلات التجارية والمقاهي والمطاعم. على أن ذلك كله لا يجب أن يحول الإنتباه عن الوظيفة الأساسية للمشروع وهي محطة السكك الحديدية. ليس فقط لأن الهدف محاولة استقطاب الجمهور إلى المحطة ، ولكن لأن المحطات اصبحت فضاءات عامة استراتيجية و تجارية ، نتيجة لحركة مرور المسافرين فيها، الذين يأتون إليها بهدف السفر ويتوقعون سرعة وصول قطاراتهم والصعود أو النزول منها ووصولهم سريعاً إلى وسائل النقل الأخرى التي ستنقلهم داخل المدينة (السيارات وقرب المواقف من أماكن منصات ركوب القطارات ومحطات قطارات المترو والحافلات) ووجود أنظمة إرشادية سهلة التعرف عليها ..إلخ، خاصة بالنسبة لمطوريها سواء كانوا عامين أو خاصين بما في ذلك القائمين على تخطيطها وتصميمها، وأخيراً وليس آخراً هو أن تكون المحطات في مواقع استراتيجية بالنسبة للأحياء المحيطة بها والمدينة بشكل عام .
محطات القطار مشاريع تجمع بين جهات مختلفة :
مشاريع محطات القطارات وخاصة تلك الرابطة بين وسائل نقل متعددة هي مشاريع معقدة وصعبة التناول، سواء كان ذلك من جهة مشروع المحطة أو من جهة الأحياء التي تقع فيها، حيث أن الأمر يتطلب توفير الكثير من الإمكانيات لمواجهة المشاكل الخاصة بالسكك الحديدية ومحطاتها، والمناطق التي سوف تمر بها، والعمران الذي سيتأثر بها، والهندسة المعمارية التي يجب أن تراعيها، وتنسيق المواقع، والتقنيات المختلفة التي تتطلبها. ولذلك فإن نجاح
مشروع المحطة يتطلب تجييش العديدمن التخصصات التقنية في إطار فريق متعدد التخصصات ووضع طرق للتنسيق بين كل الجهات. فلكي يتم إنشاء محطة قطار يجب جمع مجموعة الجهات المسئولة والمستفيدة من مشروعها مثل أمانات المدن والمحافظات والجهة المشغلة للمحطة (هيئات السكك الحديدية) والقائمين على النقل والمواصلات وشركات التطوير العقاري المسئولة عن تطوير المشاريع العمرانية في محيط هذه المحطات .. إلخ . وغالباً ما تكون هذه الجهات غير معتادة على التعامل بين بعضها ، فكل كيان له أهداف وتوصيات وسياسات اقتصادية وإجتماعية مختلفة، وبالتالي فإن من الصعب أن توكل مهمة إنشاء المحطة إلى جهة واحدة منها. وهكذا يمكن أن تتجسد المشكلة الرئيسة في بداية العمل، وهي كيف ستعمل هذه الجهات مع بعضها، فكل جهة لايمكن أن تحقق أهدافها إلا في إطار مشروع شامل لكافة الاهداف. إلا ان هذا المشروع يجب أن يبدأ بتحقيق أهداف واحتياجات مستعملي المحطة (السكان، المسافرين) قبل غيرهم وأن الاحتياجات الخاصة بالمستعملين تعتبر الهدف الرئيس الذي يجب أن يحققه المشروع ، فعادة ماتكون إحتياجات المستعملين أكبر بكثير من احتياجات الجهات المختلفة ولأنها تتجدد وتتطور مع مرور الزمن، فإن الأمر يتطلب إعادة تقييم مستمرة للبرامج التصميمية للمحطات السابقة، الأمر الذي يجعل عملية بناء هذه المحطات تستغرق وقتاً أطول بالمقارنة بأنواع المباني الأخرى.
تحديد احتياجات المستعملين :
يبقى المستعمل (المسافرين، السكان .. إلخ ) هو المستفيد الأول حيث أن حركته تكون هي الخيط الذي يجب أن يتبعه التصميم وتطغى احتياجات المستفيد الأول على أي إحتياجات أخرى، جزء من هذه الاحتياجات معروف، ولكن هناك جزء آخر يتناول كل الاحتياجات المستقبلية التي يجب أخذها في الإعتبار. ولذلك فإن البحث والتأويل حول الاحتياجات المستقبلية موضوع في غاية الحساسية، فمن كان يستطيع أن يتنبأ بالهواتف الذكية وبالتطور في وسائل النقل الحديثة. ولذلك عندما نتسائل اليوم كيف سيكون عليه النقل في المستقبل ، يجب الأخذ في الإعتبار كل التطورات التي يمكن أن تحصل في المجال التقني. فمن الممكن أن يتطور النقل بالسيارات ويتغير ، فمن المتوقع في القريب العاجل ان تقوم بعض الإدارات المحلية توفير سيارات كهربائية بدون سائق تستخدم تطبيقات رقمية لتوجيهها يمكن أن تستعمل بطريقة حرة من قبل سكان المدن ، ومثل ما حصل في السابق بالنسبة للدراجات، اليوم تحتاج المحطات إلى مساحات كبيرة نتيجة لمتطلبات حركة دوران حافلات النقل العام ولكن في المستقبل يمكن أن تتطور تقنيات الحافلات فتتقلص احتياجاتها من المساحات. أما المستعملين وإن كانوا سوف يتأثرون بتطور التقنيات إلا أنه لايمكن التنبؤ بالتطورات الاجتماعية والسياسية والثقافية لهم. ولذلك فإنه من الضروري التأني وعدم الإستعجال في إتخاذ القرارات بالنسبة لكل الاحتياجات المستقبلية كون تأثيرها السلبي له مضار كبيرة على المشروع.
تحديات تواجه تصميم محطات القطار :
من أهم المشاكل التي تواجه تصميم محطات السكك الحديدية الكبيرة التي تربط بين عدد من وسائل النقل هي الربط بينها فإن كانت محطات القطار تربط بين المدن، فمشروعات النقل الأخرى المرتبطة بمحطات السكك الحديدية تعتبر جزء من تخطيط الحي والمدينة التي تخدمها محطة السكك الحديدية فهي مرتبطة بالحي أو المدينة التي تخدمها . الفكرة التصميمية إذاً يجب أن تفكر في تصميم المحطة على أساس أنها فضاءات عامة من فضاءات المدينة وعنصر فاعل في تخطيطها ، فالمحطات كانت سبباً في إقامة مشاريع جديدة حولها مثل الفنادق والمباني المكتبية كونها وظائف لها علاقة وثيقة بالحركة. إحدى العلاقات التي لم تحلها حتى اليوم محطات قطارات السكك الحديدية هي العلاقة مع سكان الأحياء المجاورة للمحطة ، هؤلاء الذين لايستخدمون السكك الحديدية في تنقلاتهم ، هؤلاء قد ينظرون إلى محطة السكك الحديدية على أنها مصدر للإزعاجات المختلفة في الحي، هؤلاء يجب أن يتم أخذهم في الإعتبار عند تحديد احتياجات المحطة ، وهذا يعني أن مشروعات محطات السكك الحديدية يجب أن تأخذ في إعتبارها اليوم علاقتها مع المباني السكنية وكيف يمكن أن تتجاور معها. محطات القطار داخل المدن أصبحت اليوم بمثابة مراكز جذب للأنشطة المختلفة، فالقطارات أصبحت تسير بالطاقة الكهربائية الأقل تلوثاً للبيئة ، الأمر الذي جعلها تصل إلى عمق ووسط المدن، ولكن يبقى أنها تمثل جوانب سلبية تؤثر على سكان المدن فمساراتها تخترق وتفصل النسيج العمراني للمدن وترابطه ، وهي مازالت حتى مع استعمال الطاقة الكهربائية تمثل عنصر ضوضاء وإزعاج وعدم أمان للسكان.
من جهة أخرى تحتاج محطات القطارات الحالية إلى حيز كبير تشغله بوظائفها المختلفة ، كما يجب أن تكون مبانيها واضحة المعالم للمشاة ويسهل الوصول إليها ، بل وقد تحتاج إلى مساحات للتوسع ربما لايمكن أن توفرها المدينة المكتظة بالعمران . أحد الحلول لكي لاتصبح المحطة وملحقاتها و مساراتها عائقًا هي أن يتم بنائها تحت مستوى الأرض، على أن تكون لها علاقة مباشرة مع مستعملي أنشطتها المختلفة على المستوى الأرضي .
إقتصاديات محطات القطار :
محطات القطار وإن كان الهدف منها إنها بوابات للدخول أو الخروج من المدن إلا أن إقتصاديتها تمتد لتشمل وظائف أخرى من أنشطة تجارية و ترفيهية، ولذلك يمكن القول بأن هناك رافدين إقتصاديين لمحطات القطارات : الأول يأتي عن طريق الخدمة المباشرة للمسافرين من بيع لتذاكر السفر ونقل المسافرين والبضائع والخدمات المختلفة الملحقة بوظيفة السفر مباشرة ، ويتناول ذلك العمل على تحسين خدمات السكك الحديدية نظراً للمنافسة بينها وبين وسائل المواصلات الأخرى ( مثل الطائرات)، والثاني هو إيجار المساحات التجارية المختلفة ويتناول كيفية تحسين المباني لجذب أصحاب المحلات التجارية فموقع المحطة وتصميمها المعماري وإنفتاح المشروع على الأحياء المحيطة وأنشطتها هي أساسية في تحديد مدى الجذب الذي يمكن أن يمارسه الفضاء التجاري للمحطة. وأخيراً وليس آخراً فإن الهاجس الرئيس لنجاح مباني المحطة وزيادة عائداتها يكمن في سهولة الوصول للمحطة وحركة المسافرين وعلاقتها بوسائل النقل الأخرى ، وما يقدمه تصميم المحطة من تسهيل هذه العلاقات وسيولتها وتوفير كل مقومات راحة المسافرين والإدارة الفعالة لكل العوامل الداخلة في نجاح المحطة .
المشروعات التي يستعرضها العدد :
في هذا العدد نستعرض عدد من مشاريع محطات السكك الحديدية والمترو الحديثة في أنحاء مختلفة من العالم بعضها محطات طرفية وأخرى مركزية تستقطب عدد من وسائل النقل العام داخليا وإن أول ما يمكن ملاحظته على هذه المشاريع هو أن معظم التصاميم المعمارية لهذه المحطات تركز في التعبير عن وظيفة المحطة على فكرة السفر وديناميكية الحركة، سواء حركة المسافرين أو حركة القطارات وسرعتها. الأمر الملفت هنا هو هذا الإتفاق بين معظم المصممين على التعبير عن هذه الحركة بالخطوط والأشكال الهندسية السائلة والحرة. ففي مشروع محطة أرنيم Arnhem Central Transfer Terminal للمصمم UNStudio نرى هذه الأشكال السائلة الحرة في كافة عناصر التصميم السقف، الأرضيات، التفاصيل، الأثاث، بالرغم من أن هذه العناصر بنيت بمواد مختلفة . ويتميز مشروع محطة أرنيم بالجزء العلوي، أو ما هو فوق مستوى الأرضي من المحطة ، ويتكون من جسم معدني ذو تشكيل حر يجمع بين السقف وعدد من المستويات في عنصر إنشائي واحد يكون السقف والحوائط الحاملة ونقاط الإرتكاز وليتشكل ليتحول من السقف إلى نقاط الإرتكاز في حركة إلتوائية وليوفر فتحات للإضاءة الطبيعية. استلهم بناء هذا العنصر الإنشائي المعدني من تقنية إنشاء السفن و بحيث يصبح خفيف الوزن.
أما مشروع محطة Napoli Afragola Station للقطارات السريعة من تصميم مكتب Zaha Hadid Architects فهو كذلك ذو عمارة سائلة ولكنه يحاول أن يعالج مشكلة تقطيع مسارات السكك الحديدية للنسيج العمراني للمدن بأن يحول المحطة وكل ما تحتويه من محلات ومطاعم وأماكن انتظار إلى جسر معلق يمر فوق مسارات القطارات ويربط بين جهتي محور مسارات القطارات .
ويأتي مشروع محطة Cross Rail Place في منطقة الأعمال Canary Wharf من تصميم Foster + Partners بفكرة جديدة وهي استغلال المجاري المائية لإنشاء محطة القطار فهذه المحطة بنيت على مجرى مائي. ، وبينما يظهر فوق مستوى المياه دورين من المحطة دور للدخول للمحطة وسطح زرعت فيه حديقة مظللة، فإن باقي الأدوار مغمورة تحت مستوى المياه وتحتوي على عدد من الفعاليات بالإضافة إلى مستويات الأرصفة والقطارات، يحاول التصميم أن يجد موقع ومساحات كافية لإقامة المحطة في منطقة عرفت بندرة بإرتفاع أسعار أراضيها.
كما نستعرض مشروع محطة Beijing South Railway Station من تصميم مكتب Farrells وهو مشروع يتميز بكونه يخدم أعداد هائلة من المسافرين كونه يربط بكين عاصمة الصين ومدينة شنغهاي ، ويخدم منطقة ضواحي يبلغ عدد سكانهم 270 مليون نسمة، مما دفع المصمم إلى الإقتباس من تصميم المطارات العالمية لتنظيم حركة الصعود والنزول من القطارات وقدوم ومغادرة المسافرين للمحطة.
أما مشروع محطة برمنجهام Birmingham New Street Station من تصميم مكتب AZPML/FOA فهو تصميم يعالج بطريقة إقتصادية إعادة تأهيل هذه المحطة التي تتميز بموقع استراتيجي كمركز نقل يربط بين وسائل النقل في المدينة بالقطارات التي تربط المدينة بالمدن الأخرى. الفكرة هي تغليف واجهات المحطة ومكوناتها التجارية والخدمية بغلاف لامع وبشكل حر ذو سيولة يعبر عن الحركة الديناميكية لمستخدمي المحطة والقطارات ويعكس صورة المحطة من حوله بشكل مشوه، يهدف المصمم إلى التعبير عن سرعة القطارات التي تجعل المسافرين يشاهدون المناظر من حولهم مشوهاً نتيجة لسرعة القطارات.
كما نستعرض مشروع المحطة المركزية لمدينة لاهاي
The Hague Central Station من تصميم مكتب Benthem Crouwel Architects وهو مشروع ذو تصميم معماري مختلف عن المشاريع الأخرى إذ يأتي التعبير عن وظيفة المشروع من خلال واجهات زجاجية شفافة تسمح برؤية ما بداخل المحطة حيث جمعت وسائل المواصلات المختلفة ( القطار، المترو، الحافلات) تحت سقف واحد وبحيث يمكن مشاهدة حركة المسافرين ووسائل النقل المختلفة داخل المحطة من الخارج .
ويستعرض العدد كذلك مشروع محطتين في مدينتين عربيتين من تصميم مكتب AREP : الأول هو مشروع محطة مدينة الدار البيضاء Casa Port,Casablanca وهو مشروع ذو عمارة مبسطة يهتم بالجوانب البيئية ويمزج بين فعاليات السفر والمحلات التجارية.
أما المشروع الثاني فهو لمحطة مترو معرض دبي العالمي 2020 Dubai World Expo Metro Station وهو ذو عمارة تحاول إظهار جانب من ثقافة النقل العربية من خلال إستلهام فكرة الطيران للعالم العربي عباس بن فرناس حيث تظهر مظلة المحطة على شكل جناحي طائر يمتدان ليغطيان فعاليات المحطة التي تركت في الهواء الطلق بينما زرعت فضاءاتها تحت المظلة بحدائق غناء توفر مناخ مريح للمسافرين .
المحطة المركزية
أرنيم ـ هولندا
Arnhem Central Transfer Terminal
المصمم :
Architect : UNStudio
الإنتهاء من التنفيذ : اكتوبر 2015م
الموقع : أرنيم ـ هولندا
المساحة :21750 م2
© UNStudio Hufton + Crow
يأتي هذا المشروع تتويجاً لمسيرة دامت 20 عاماً لتطوير المنطقة التي تقع فيها هذه المحطة، والتي وضع مخططها المكتب المصمم في الماضي ، وهي تعتبر أكبر منطقة (من حيث المساحة) تم تطويرها عمرانياً بعد الحرب العالمية الثانية في مدينة أرنيم ـ هولندا . جاء تصميم هذه المحطة ليضع منهج جديد لتصاميم المحطات المركزية في أوروبا، فالمحطة هي إحدى بوابات السفر التي تربط هولندا بألمانيا وبلجيكا. تضم المحطة محلات تجارية ومركز مؤتمرات وتتصل بالمباني المكتبية المجاورة لها ومركز المدينة ومواقف السيارات التحت أرضية وحديقة عامة . كما تأوى المنطقة المحيطة بالمحطة البالغ مساحتها 160 ألف م2 بالإضافة إلى المباني المكتبية محلات ومجمع دور سينما . جاء التصميم المعماري للمحطة في أشكال حرة ذات غطاء هو عبارة عن مساحة مستمرة واحدة تتحول من سقف إلى حوائط حاملة ومستويات، بل وتتخذ تشكيلات حرة تسمح بعمل فتحات في السقف لتوفير الإضاءة الطبيعية من خلال حركة إلتوائية تضفي أشكال فنية ، ولتشكل الحوائط مرتكزات إنشائية حاملة للأسقف بحيث تحقق مسقط خالي من الأعمدة . استلهم المصمم الفكرة من فكرة أنبوب كلاين الزجاجي المعروف بإسمKlein Bottle (وهو انبوب زجاجي مكون من مساحة مستمرة واحدة ليس لها نهايات لإنها متصلة ببعضها البعض) ليعبر تصميم المحطة عن السيولة الشكلية التي بدورها تعبر عن ديناميكية حركة القطارات، حيث يشكل السقف وحوائط الإرتكاز عنصر إنشائي واحد يدور ويلتوي ليحقق استمرارية في الشكل و العلاقة. ولتحقيق ذلك إنشائيا انقسم المبنى إلى جزء خرساني بمثابة قاعدة بنائية تضم الأدوار التحت أرضية وحتى مستوى الدور الأرضي ثم الغلاف أو الغطاء المعدني فوق القاعدة يضم عدد من المستويات المتصلة فيما بينها . ولإنشاء الغطاء تم التخلي عن مواد وطرق التصميم الإنشائية التقليدية والبحث عن مواد خفيفة الوزن بإستبدال الخرسانة بالحديد والإقتباس من تقنيات إنشاء السفن . حيث تم تقطيع الغطاء ذي الشكل الحر إلى وحدات مكونة من أعصاب معدنية غلفت على وجهيها الداخلي والخارجي بألواح معدنية ثم جمعت الوحدات فيما بينها لتشكل كامل الغطاء بأسقفه وحوائطه ونقاط إرتكازه ، بينما يرتكز الغطاء كله على القاعدة أو الجزء الخرساني الذي جاء هو الآخر بأشكال حرة . إن الهدف من المحطة هو إنشاء مركز نقل يربط بين وسائل النقل المختلفة . ولقد جاء التصميم ليقلل من نقاط الإرتكاز داخل المحطة لتحرير حركة المسافرين وتوجيه مساراتهم بكل يسر وسهولة تجعل حركة إنتقالهم وسفرهم حركة تلقائية. يعتبر الغطاء أهم عنصر معماري في تصميم المحطة بإنحناءاته والتواءاته لتحقيق تصميم فريد من نوعه حيث يغطي بهو استقبال المحطة مساحة 5355م2 . هذا وقد حمل الغطاء على حوائط حاملة من نوع (V walls) تحمل كافة الأحمال الناتجة عن هندسة الغطاء الحرة بالإضافة إلى الحوائط الملتوية. ومن المتوقع أن يرتفع عدد المسافرين عبر هذه المحطة إلى 110 ألف مسافر في عام 2020م.
محطة قطار على هيئة جسر
Napoli Afragola Station for High Speed Rail
المصمم :
Architect : Zaha Hadid Architects
الإنتهاء من التنفيذ : (المرحلة الأولى) يونيو 2017م
الموقع : نابولي ـ إيطاليا
المساحة :30000 م2
التكلفة :60 مليون يورو
© Jacopo Splimbergo
تم إفتتاح المرحلة الأولى من هذه المحطة في يونيو 2017م وتخدم المحطة 3 خطوط قطار سريع تربط جنوب إيطاليا بشمالها ، كما تخدم 3 خطوط قطار تربط بين منطقة نابولي وخط مترو يخدم المدينة بالإضافة إلى الأخذ في الإعتبار بخطط نقل السكك الحديدية الإيطالية في المستقبل. وبذلك تربط محطة نابولي 15 مليون نسمة يعيشون في مدن جنوب إيطاليا ، كما تربط االمسافرين والبضائع بحركة النقل السريع على المستوى الوطني والأوروبي . وعندما سيتم تشغيل كافة هذه الخطوط، فإنه من المتوقع أن تخدم المحطة 32700 مسافر في اليوم أو 12 مليون مسافر سنوياً. ويدخل في ذلك ما يعادل 4800 مسافر يستخدمون خط المترو لرحلات العمل في أوقات الذروة صباحاً ومساءاً. كما سوف يتوقف في المحطة 28 قطار سريع يومياً في كل إتجاه بمعدل قطار كل 30 دقيقة و 700 مسافر تركب أو تنزل من هذه القطارات على كل رصيف، بالإضافة إلى عدد 200 قطار خادمة للمنطقة سوف تتوقف في المحطة يومياً.
تقع المحطة في حي افراجولا (Afragola) شمال نابولي على بعد 12 كلم من المدينة، وبحيث تخدم المحطة الأحياء المجاورة التي يصل عدد سكانها إلى 50 ألف نسمة.
كما تشكل المحطة مركز نقل عام حيث تساعد على تخفيف الضغط على الازدحام المروري في المدينة. صممت المحطة على شكل جسر عابر للمسارات الثمانية لخطوط السكك الحديدية يصل النسيج العمراني الذي يقطعه محور المسارات . تتكون المحطة من 3 مستويات أرضي وأول وعلوي ، ويتبع تصميم المحطة حركة المسافرين وتقليل المسافات بين المداخل وأرصفة الركوب، ولذلك تم توسيع عرض الجسر العابر فوق المسارات لكي يحتوي كافة فعاليات المحطة. يوفر التصميم مداخل رحبة عند طرفي الجسر للصعود إلى مستوي البهو الذي توجد فيه المحلات التجارية وخدمات المحطة من استعلامات ونقاط بيع التذاكر ويلتقي في بهو المحطة مرتادي المحطة القادمين من جهتي الجسر ويرتبط مستوى البهو بمستوى أرصفة القطارات التي تقع في الدور الأرضي بسلالم متحركة ، بينما تطل المطاعم والمقاهي التي تقع في المستوى العلوي على بهو المحطة. أنشئت المحطة من قاعدة من الخرسانة المسلحة ترتفع فوق مسارات خطوط السكك الحديدية ، تحمل القاعدة جسم الجسر الذي شيد من هيكل حديدي مغطى بوحدات من الكوريان (Corian) وبسقف زجاجي . تتكون الخرسانة المستخدمة في بناء المحطة من خلطة خاصة توفر مقاومة عالية للتصاميم الحرة لوحدات الخرسانة المسلحة الإنشائية التي تم صبها بإستخدام شدات معدنية مسبقة الصنع وقوالب من البوليسترين الخاص CNC milled Polystyrene Models .
يأخذ جسم الجسر (المحطة) شكل شبه منحرف منحني بطول 450 م بينما تم بناء هيكله من 200 نموذج من الأعصاب الحديدية ذات المقاييس المختلفة وغطيت بالكوريان والأسقف الزجاجية . تم توجيه جسم الجسر المحطة بشكل يجعله يستفيد من الإضاءة الطبيعية طوال ساعات النهار، كما تم تركيب ألواح شمسية مدمجة في غلاف المبنى وتوفير تهوية طبيعية من خلال الأسقف الزجاجية، بينما توجد آلات التدفئة والتكييف في المستوى الأرضي.
محطة قطار مائية
Cross Rail Place, Canary Wharf
المصمم :
Architect : Foster + Partners
الإنتهاء من التنفيذ : 2015 م
الموقع : كناري ورف ـ لندن
المساحة : 3000 م2
© All Photos by Nigel Young – Foster + Partners
هذا المشروع هو مشروع متعدد الوظائف يحتوي على محطة القطار الجديدة لمنطقة كناري ورف اللندنية الشهيرة. تقع المحطة على الممر المائي بمحاذاة الرصيف النهري الشمالي الواقع بين برج بنك HSBC والمنطقة السكنية، وتخدم كل منهما من خلال الخدمات الملحقة بها والحديقة العلوية التي يحتوي عليها المشروع.
يراعي المشروع الأهداف التطويرية لمدينة لندن لتطوير مجموعة مشاريع خدمية ذات جودة عالية، وهو ما تقدمه المحطة من محلات تجارية ومساحات خضراء. تصميم المحطة يوحي بالسفينة الراسية على رصيف بحري وتتكون من سطح أقيمت عليه حديقة مغطاة يمكن الوصول إليها عبر جسور تربطها باليابسة. بينما توجد جسور تؤدي إلى بهو المحطة أو المستوى الأرضي، وإنطلاقاً من هذا البهو يتوجه المسافرون نزولاً إلى المستويات التحت أرضية أو تحت مستوى المياه وصولاً إلى مستوى أرصفة القطارات . صممت حركة الدخول والخروج والوصول إلى القطارات داخل المبنى لتكون حركة تلقائية حيث تفتح المصاعد والسلالم الكهربائية والسلالم العادية بطريقة واضحة على البهو الرئيس. غطاء الحديقة هو غطاء المحطة بطول 300م وهو مكون من شبكة من الأعصاب الخشبية وألواح شفافة وهناك فتحة وسطية لتوفير الإضاءة والتهوية الطبيعية والاستفادة من مياه الأمطار لري مزروعات الحديقة. استخدم الخشب في إنشاء الغطاء لإضفاء روح طبيعية للمكان ولتحقيق منشأ مستدام ولتتميز المحطة عن المباني المحيطة ذات المواد التقليدية. بالرغم من انحناء الغطاء إلا أن أعصابه الخشبية مستقيمة فيما عدا 4 أعصاب. حيث تم تصميم الفواصل المعدنية الرابطة بين الأعصاب بطريقة تحقق الإنحناء العام للغطاء. غطيت شبكة الأعصاب الخشبية بألواح بلاستيكية من مادة ETFE على شكل وسادات مملوءة بالهواء تحقق عزل عالي المستوى يوفر راحة بيئية لمرتادي الحديقة ، كما توفر بيئة تناسب بعض النباتات التي تم جلبها من بيئات بعيدة وتم إدخالها إلى لندن من خلال هذه الأرصفة النهرية في الماضي. صممت المنطقة المحيطة بالمحطة لتشجع على إرتياد الحديقة والمحلات التجارية في عطلات نهاية الأسبوع ولإحياء المنطقة خارج أوقات العمل، حيث توفر المحطة أربعة مستويات تحت أرضية مغمورة في المياه تحتوي على المقاهي والمحلات التجارية والخدمات المختلفة. يوفر التصميم الإضاءة والتهوية الطبيعية ووسائل التبريد السلبي داخل المحطة، واستخدام مياه الأمطار في الري وإعادة تنقية المياه الرمادية.
محطة بكين للسكك الحديدية الجنوبية
Beijing South Railway Station
المصمم :
Architect : Farrells
الإنتهاء من التنفيذ : 2008م
الموقع : بكين ــ الصين
المساحة : 296543 م2
© All Photographs by Zhou Ruogu
حاز هذا المشروع على العديد من الجوائز المعمارية وجاء في إطار خطة طموحة لتطوير السكك الحديدية الصينية في بداية القرن الحادي والعشرين وإدخال القطارات الفائقة السرعة إلى النقل العام الصيني، بحيث أصبح لدى الصين أطول خطوط سكك حديدية في العالم . جاءت هذه المحطة لربط بكين بشبكة القطارات السريعة ولربط هذه الشبكة بوسائل النقل العام في المدينة ، كما أنها بنيت لتخدم الألعاب الاولمبية العالمية لعام ٢٠٠٨م . تقع المحطة في موقع أرض تبلغ مساحته ٣١ هكتار ، وتربط بكين بشنغهاي وتياجين وأحد أكبر الضواحي في العالم التي يبلغ عدد سكانها ٢٧٠مليون نسمة ، وهذا يعني ضرورة إستيعاب المحطة لأعداد هائلة من المسافرين ، وهو الأمر الذي دفع المصمم لتبني المحطة لتصميم يشبه تصميم المطارات فتم فصل حركة المغادرة عن حركة القدوم ووضعها في مستويات مختلفة لإختصار المسافات ولتسهيل حركة نزول وركوب القطارات، فمغاردة المسافرين تتم بدءً من الدور العلوي أو بهو الانتظار ثم ينزل المغادرون إلى الدور الأرضي أو مستوى الأرصفة ومسارات القطارات، أما القادمون فإنهم بمجرد ما ينزلون من القطارات يتوجهوا إلى السلالم المتحركة التي تنقلهم نزولا إلى دور القدوم الذي يمكن من خلاله الخروج من المحطة او التواصل بوسائل المواصلات الأخرى (مواقف السيارات، المترو ، الحافلات ، سيارات الاجرة ) . تأثرت عمارة المحطة بالعمارة التاريخية الصينية، ويبدو ذلك في الشكل الذي إتخذه سقف المحطة ، وبينما انشاء الدور التحت ارضي والحوائط الحاملة من الخرسانة ، انشاء السقف المكون من هيكل ثلاثي الأبعاد والأعمدة الحاملة له من الحديد، أما الواجهات فهي من زجاج عازل مكون من طبقتين وكسيت الأعمدة الستين من ألواح الالومنيوم المثقب يمتص الضوضاء، يحتوي السقف على فتحات غطيت بزجاج عازل.
محطة برمنجهام
Birmingham New Street Station
المصمم :
Architect : AZPML/FOA
الإنتهاء من التنفيذ : 2015 م
الموقع : برمنجهام ـ إنكلترا
المساحة : 91500 م2
© All Photos by Javier Callejas
في عام ٢٠٠٧ تم طرح مسابقة لإعادة تصميم البهو الرئيس وواجهات المحطة الأربعة، حيث تم إختيار تصميم هذا المشروع من بين ٦ تصاميم لمكاتب عالمية في نهاية عام ٢٠٠٨م . تقع محطة برمنجهام في موقع مركزي هام من المدينة وتمثل قطب نقل رئيس تتلاقى فيها حركة النقل العام من وسائل مواصلات مختلفة، وهي بمثابة بوابة الدخول الرئيسة لكثير من زوار المدينة. يهدف تصميم الواجهات إلى التعبير عن وظيفة المحطة الديناميكية، والتأكيد على عمارتها الأيقونية من حيث موقعها المركزي من المدينة ، حيث غلفت المحطة بأشكال ذات سيولة هندسية عاكسة تعبر عن الحركة الديناميكية للنقل ومساحات لامعة تعكس ما حولها. وحيث لا يمكن أن ترتبط أشكال الواجهات الخارجية بالعمارة الداخلية للمحطة جاءت الواجهات الخارجية الجديدة لترتبط وتعكس محيط ما حولها من عمارة تراثية وكل حركة حولها من مشاة وسيارات وقطارات قادمة ومغادرة للمحطة. بينما صممت المداخل الأربعة للمحطة على شكل عيون مفتوحة على المدينة توفر شاشات عرض إعلامية.
محطة لاهاي المركزية
The Hague Central Station
المصمم :
Architect : Benthem Crouwel Architects
الإنتهاء من التنفيذ : 2016 م
الموقع : لاهاي ــ هولندا
المساحة : 120000 م2
© Photographer: Jannes Linders
© All Drawings courtesy of Benthem Crouwel Architects
يهدف هذا المشروع الي إعادة تأهيل المحطة المركزية لمدينة لاهاي في هولندا في إطار تصميم معماري يحقق إضاءة طبيعية جيدة ورحابة في الحركة و المساحات والوضوح التام في إرشاد المسافرين ، في محطة مركزية تتلاقى فيها وسائل نقل متعددة ، واستبدال عمارة المحطة الخرسانية السابقة بعمارة زجاجية تتميز بالشفافية التامة وفيها تمر مسارات الترام أعلى مسارات القطار . يستخدم المحطة أكثر من ١٩٠ الف مسافر وعابر يومياً نتيجة للربط الحاصل في هذه المحطة بين وسائل النقل المحلية (الترام والحافلات) بشبكة القطارات السريعة التي تربط بين المدن الأوروبية. يتميز التصميم بمداخل من الجهات الأربعة للمحطة وبسقف ذو هيكل معدني يحمل وحدات تغطية على شكل معين تنفتح اوتوماتيكياً عند إرتفاع درجة الحرارة، وتوفر الحماية من أشعة الشمس والتهوية الطبيعية لبهو المحطة. تضفي هذه الحركة تنوع في درجات الإضاءة الطبيعية طوال ساعات النهار ، كما تعمل على إمتصاص الضوضاء وتقليل تأثيرات الحريق عند فتحها. يرتفع السقف على ثمانية أعمدة فقط توفر مرونة في التصميم و الحركة، حيث تعادل مساحة بهو المحطة مساحة ملعبي كرة قدم، كما تبلغ قياسات المحطة ٩٠ X ١٢٠م وبإرتفاع ٢٢م . تتميز المحطة بواجهات من الزجاج بحيث توفر شفافية عالية تسمح بالتعرف على مكونات المحطة الداخلية من الخارج ولتعبر معمارياً بذلك على وظيفة المبنى بوضوح . تأوى المحطة أرصفة ركوب ومسارات وسائل النقل المختلفة من قطارات وترام وحافلات، بالإضافة إلى المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم المجمعة بحيث لا تتعارض مع حركة المسافرين . يوفر التصميم حركة سلسة ومرنة حيث توجد طرق متعددة تربط بين أرصفة وسائل النقل المختلفة . تقع المحطة في منطقة الأعمال المركزية، ويمر بمحاذاتها ممر المشاة الرئيس في المدينة الأمر الذي يجعل من المحطة فضاء عام رئيس .
إضافة تعليق جديد