ربما يكون أهم دور تؤديه أول وزارة ثقافة في المملكة هو إدخال الثقافة في كافة مناحي حياة المجتمع، فالهدف من الثقافة هو رفع مستوى فكر الإنسان والتدخل في كافة أنشطته لرفع مستوى أدائها وتحسين حياته، إلا أنها تتدخل بنسب متفاوتة من نشاط إلى آخر . أحد مجالات أنشطة الإنسان التي للثقافة حضور أساسي فيها هي الفنون بكل أنواعها؛ الفنون التشكيلية وفنون الزخرفة والتصوير والفنون التصميمية ومنها الفن المعماري والديكور والتصميم الصناعي والأزياء وغيرها . معظم هذه الأنشطة الفنية التي لا يمكن حصرها هنا تقوم عليها مهن مختلفة تحتاج إلى تعليم عالي لأصولها وتوجيه يعتمد على ثقافة المجتمع بحيث تتفاعل المهن الفنية المختلفة مع مجتمعاتها . وعادة ما تنشىء الدول كليات ومعاهد ومدارس حسب ما تحتاجه طبيعة كل مهنة لسد حاجاتها الثقافية والمهنية ففي كثير من الدول هناك كليات للفنون الجميلة تدرس مجموعة من المهن الفنية في فرنسا مثلا أنشئت مدرسة وطنية للفنون الجميلة منذ اكثر من ٣٥٠عام تدرس ما يعرف بالفنون الأربعة: العمارة والفنون التشكيلية والنحت والزخرفة ولعلمي فأنه أصبح يوجد ما يماثلها في دول أخرى وفي الدول العربية في مصر وفي لبنان ، كما أنشئت كلية باوهوس Bauhaus في ألمانيا عام ١٩١٩م وكانت تهدف إلى إدخال الفن الحديث بكافة فنونه في تصميم وتصنيع المنتجات بما في ذلك البناء ، لعبت هذه الدور التعليمية دوراً هاماً في تحسين حياة الناس وأثرت على التعليم في كافة أنحاء العالم، فإنشاء مثل هذه الدور التعليمية لم يكن لنشر الوعي الثقافي في المجتمع فحسب ولكن الإستفادة منها في رفع مستواه الحضاري. كان مدرسوا هذه المدارس فنانين تشكيلين ومعماريين ومثقفين إجتمعوا فيما بينهم لتعليم الفن أولاً ثم التخصصات المنبثقة عنه من عمارة وزخرفة وفنون تشكيلة الخ…
نحن نفتقد هذا النوع الضروري من التعليم محلياً ومع إنشاء وزارة الثقافة التي من البديهي أنها سوف تتبنى الفنون كأحد المجالات الهامة للثقافة فإننا نأمل أن يتم إنشاء دور تعليم تجمع بين الفنون وتوجهها إلى تحسين ورفع جودة حياة المجتمع على أن تشرف وزارة الثقافة عليها فتعليم الفنون يعتمد على الموهبة الإنسانية اكثر من أي شيء آخر ويحتاج إلى مناخات تعليمية مختلفة تماماً عن التعليم الجامعي فالتعليم الجامعي يعتمد مثلاً على فكرة المجموع الذي يؤهل الطالب للقبول وهي طريقة لا يمكن أن تقيم الموهبة الفنية بها بأي حال من الأحوال. كما أن تعليم هذه الفنون يهدف إلى تخريج فنانين في مهن مختلفة ومن الضروري إرتباط الجانب التعليمي بالجانب المهني إرتباطا وثيقا يمكن الطلبة قبل تخرجهم من التعليم والتدريب والممارسة الفعلية وهو ربما أمر يصعب تحقيقه في إطار التعليم الأكاديمي الجامعي العالي وخاصة كذلك إذا كان يحد من ممارسة المدرسين للمهنة . نحن بحاجة إلى الثقافة والفنون في جميع نواحي حياتنا وفي مدننا وفضاءاتها العامة ومبانيها التي نعيش فيها .
رئيس التحرير
إضافة تعليق جديد