Comtemporary Houses Design
إعداد : المهندس إبراهيم عبد الله أبا الخيل
التحولات الكثيرة التي تحدث الآن في مجال التصميم المعماري تدفعنا إلى ضرورة الإطلاع على ثأثير هذه التحولات على تصميم المساكن الخاصة خاصة بعد تبني التصميم لمعايير الإستدامة . في مجلة البناء كنا قد أغفلنا في الفترة الأخيرة إستعراض المساكن الخاصة وإنصب الإهتمام على تصميم المساكن الجماعية (العمائر السكنية) لأنها من وجهة نظرنا هي الحل المستقبلي للسكن في المدن لأسباب كثيرة ؛ فبالمقارنة بالمساكن الخاصة التي تتوفر فيها مساحات خارجية خاصة ( حديقة وممرات) فإن المساكن الجماعية تعتمد على مساحات خارجية مشتركة الأمر الذي يقلل من أعباء الصيانة والتشغيل كما أنها توفر في المساحات السكنية. بالإضافة إلى هذه الجوانب الإقتصادية فإن المساكن الجماعية ترفع من كثافة البناء وبالتالي تزيد من عدد السكان داخل حدود المدن وتعزز من حيوية الفضاءات العامة وتحد من التمدد السلبي للمدن . على أننا لا يمكن أن نقلل من إيجابيات المساكن الخاصة فهي تحقق خصوصية عالية لسكانها في فراغاتها الداخلية وفضاءاتها الخارجية ( الحديقة ) وتحقق ترابطاً كبيرة – في إطار هذه الخصوصية – بين الفراغات الداخلية والفضاءات الخارجية ، بحيث تعد النموذج السكني المفضل ليس فقط في منطقتنا بل في العالم أجمع رغم أنه ليس الحل السكني الإقتصادي المثالي داخل المدن . في هذا العدد نستعرض ٥ أمثلة لتصاميم مساكن خاصة تم إختيارها لأربعة أسباب : –
١ – أن بعضها يقع في مناطق ذات مناخات حارة تشبه المناخ الحار الجاف أو الرطب في منطقتنا ؛ ففي فصل الصيف تتراوح الحرارة في مسكن Syshaus في ساوبولو ذات الصيف الحار الإستوائي تتراوح الحرارة ما بين ٣٠ الى ٤٠ درجة مئوية ، وفي مسكن Dilido في ميامي ذات الصيف الحار الإستوائي تتراوح الحرارة مابين ٢٨ و٣٢ درجة ، في مسكن Tetris في الكويت ذات المناخ الحار الرطب تتراوح الحرارة ما بين ٣٥ و٤٥ درجة ، وفي مسكن Casa Guarnon في غرناطة ذات الصيف الحار الجاف تتراوح الحرارة ما بين ٢٩و٣٢ درجة .
٢ – أن بعضها يظهر مهارات تصميمية لتلبية رغبات الملاك كما في مسكن The Way House في بولندا
٣ – أن بعضها يقدم حلول تنفيذ سريعة كما في مسكن Syshaus
٤ – أن كلها تربط بين الداخل والخارج وتقدم فضاءات حياتية خارجية في الهواء الطلق سواء كانت على هيئة أفنية أو شرفات خارجية وربما يرجع ذلك إلى ما يسمح به المناخ من العيش في الهواء الطلق .
المسكن الأول :
هذا المسكن يستغرق تنفيذه ٢٨ يوم من تصميم مكتب Arthur Casas Design وترجع ملكيته إلى مؤسسة Syshaus الناشئة ، ويقع في مدينة ساوبولو في البرازيل، المسكن يختلف عن المساكن المماثلة التي عادة ما تقدم نماذج تركز على معايير إنشائية تساعد على سرعة التنفيذ مثل تصميم عناصره الإنشائية بحيث يسهل نقلها وتجميعها في موقع البناء مما يؤثر كثيراً على نوعية التصميم المعماري للمسكن وتفاصيله المعمارية وجودة مواد بنائه. في هذا المشروع يظهر المسكن بمظهر أنيق ومواد تشطيب عالية الجودة فالخشب الطبيعي يغطي أسقف وجدران المسكن من الداخل بالإضافة إلى الإهتمام بتفاصيله المعمارية مثل دمج وحدات الإنارة في الأسقف والجدران . أما من الخارج فقد غطي بألواح معدنية معزولة . صمم المشروع بحيث تمتد الإستعمالات الداخلية إلى الخارج لتمكن السكان من العيش في الهواء الطلق من خلال شرفات مغطاة نتيجة لإعتدال المناخ في عدد من أشهر السنة . المسكن وإن كان سريع التنفيذ إلا أن ذلك لم يمنع من تطبيق معايير الإستدامه فيه بطريقة موسعة ؛ فمواد بنائه مواد قابلة للتدوير كما روعي أثناء الإنشاء التقليل من مخلفات البناء وإن وجودت فيمكن إعادة تدويرها ، كم زرع سطحه ليعزل السقف كما يستفاد منه في تخزين مياه الأمطار. يستخدم المشروع وسائل مختلفة لإنتاج الطاقة والمحافظة عليها والتحكم إلكترونياً في إدارة تجهيزاته المختلفة .
المسكن الثاني :
يقع المسكن في إحدى جزر ميامي الأمريكية وهو مسكن كبير وفاره وهو من تصميم مكتب Saota، التصميم يتجاوب مع مناخ المنطقة الإستوائي ويوفر مساحات معيشية خارجية مجهزة بكافة التجهيزات للعيش في الهواء الطلق لفترات طويلة والإستمتاع بالطبيعة البحرية الخلابة بالإضافة إلى الطبيعة الخضراء التي تتمتع بها الجزيزة التي يقع فيها المسكن . التصميم الداخلي مفتوح ويختلط فيه الداخل بالخارج كما تتمتع معظم فراغاته بالإطلالة على الجهة البحرية . يستخدم التصميم مساحات مائية دمجت داخل المسكن فى أدواره المختلفة .
المسكن الثالث :
يقع هذا المسكن في غرناطة في أسبانيا وهو من تصميم مكتب Fresneda & Zamora Arquitectura. في هذا المسكن يواجه التصميم تحديين ؛ التحدي الأول هو ضيق مساحة الأرض (مساحة المسكن صغيرة)، والثاني هو أنه محاط بالمساكن وليس له إلا إطلالة واحدة على الشارع الذي يقع عليه . لكن هذه التحديات لم تثني المصمم من تحقيق إنفتاح على الخارج من خلال فناء داخلي وفتحات مختلفة تسمح بالتهوية والإضاءة الطبيعية الضرورية في المناخ الذي يقع فيه هذا المسكن وخاصة في فصل الصيف الحار الجاف الذي تحتاج فيه المباني إلى تهوية طبيعية تخفف من إستعمال وسائل التكييف الآلي والإضاءة الطبيعية في ساعات النهار للتوفير في إستهلاك الكهرباء التي تحتاجها وسائل الإنارة الصناعية . معالجة الواجهات والحوائط الداخلية تأخذ إهتماماً خاصاً حيث إستعملت في التغطية مواد طبيعية (عيدان البوص) التي كانت تستخدم في المباني التقليدية في الخارج والداخل ، كما إستخدمت الخرسانة الظاهرة في الأسقف والحوائط الداخلية بحيث يتعايش مع الطبيعة الذي يمثل التقليد البنائي ومع الصناعي الذي يمثل المعاصرة، كما أستخدم الطلاء الأبيض في غرف المسكن لزيادة فعالية الإضاءة داخل المسكن . يتمتع المسكن بتصميم يحقق الخصوصية للسكان فهو يقسم المسكن أفقياً إلى قسمين ؛ قسم للتخزين وإستقبال الضيوف ويقع في الدورين التحت أرضي حيث يعزز موقعه داخل الأرض عزلاً جيداً ودور أرضي يقع فيه مدخل المسكن. القسم الثاني يقع في الأدوار الأول والثاني التي تضم فراغات العائلة المختلفة ، وبالرغم من ضيق المساحة فإن فراغات المسكن المختلفة تتمتع برحابة كبيرة .
المسكن الرابع :
المسكن يقع في الكويت من تصميم مكتب
Massive Order ، تصميم المسكن ذو هندسة مستلهمة من لعبة إلكترونية تهدف إلى تجميع عناصرها داخل حيز محدد، وهو ما تظهر عليه كتل المشروع التي تقع داخل متوازي أضلاع تشكل الواجهات الخارجية حوائطه بحيث يبدو متوازي الأضلاع منفصلاً عن الكتل ومعلق في الهواء بدون ركائز واضحة ليحقق إنطباعاً بتكوين يحقق حرية فراغية لعناصر التكوين المختلفة ( الكتل ومتوازي الأضلاع). يتمتع التصميم من الخارج بمدخل مربع الشكل يجمع بين بابين أحدهما مخصص للزوار والأخر لأفراد العائلة . من الداخل المسكن مع إنفتاح فراغاته الداخلية على بعضها إلا أنه يتمتع بتفاصيل تحقق خصوصية بصرية وصوتية مثل تلك النافورة التي تقع بين إستقبال الزوار وفراغات العائلة بحيث توفر مياهها حجب التواصل البصري والصوتي بينهما. من الخارج يستعمل البناء مواد طبيعية (الخشب والحجر) بتفاصيل معمارية وهندسية بسيطة يتألق فيها المظهر الطبيعي لمواد البناء .
المسكن الخامس :
هذا المسكن لا يقع في مناخ حار فهو يقع في بولندا وهو من تصميم مكتب KWK Promes – Robert Konieczny
تصميم المسكن يعالج تلك الحالة التي تتكرر دائماً عندما تكون متطلبات المالك لا تساعد على تحقيق تصميم معماري وجمالي مقبول حيث يرغب المالك في أن تكون المعيشة في الدور الأول الأمر الذي يجعلها غير مرتبطة بالحديقة الكبيرة على المستوى الأرضي. هنا يقترح المعماري فكرة معمارية إبداعية وجميلة تحترم في نفس الوقت رغبات المالك مهما كانت سلبية هذه الأخيرة. الفكرة المعمارية تستخدم شريط الطريق المار بالمسكن والذي ينتهي عند مجرى النهر المار بمحاذاة الموقع ليصبح الشريط هو عنصر التصميم الرئيس فيبدء الشريط من مدخل الأرض حتى يصل إلى المسكن فيلتف صعوداً حول فراغات المسكن الموزعة على الدور الأرضي والأول ثم ينحدر من الدور الأول الذي تقع فيه المعيشة إلى المستوى الأرضي الذي يضم الحديقة. الفكرة تحقق شكلاً خارجياً إبداعياً حيث يظهر بشكل قوي إرتباط المسكن بأرضه كما يحقق إرتباطاً قوياً ومباشراً بين المعيشة التي تقع في الدور الأول والحديقة.
من هذه القراءة السريعة يمكن أن نستخلص الأهمية الخاصة والفريدة في المساكن الخاصة لضرورة إرتباط الفراغات الداخلية بالفضاء الخارجي كونها أهم مزايا هذا النوع من السكن والتي تميزه بطريقة جذرية عن السكن الجماعي . الإرتباط او الإمتداد أو الخلط بين الداخل والخارج يجب أن يعززه توفر مناخ معتدل يسمح به موقع البناء ومواسم معينة من السنة وهو الحاصل في منطقتنا. فبالرغم من المناخ الحار إلا أنه يتوفر لهذه المنطقة مناخ معتدل في ثلاث مواسم من السنة تمتد على مدى
٦ أشهر، يمكن الحياة فيها في الهواء الطلق في أوقات معينة في النهار وفي الليل وهذا ما تؤكده النماذج السكنية التي قدمتها العمارة التقليدية في منطقتنا والتي أكدت على إرتباط وإمتداد وإختلاط الفراغات الداخلية والخارجية على هيئة أفنية وأروقة توزيع وأسطح تسمح بمارسة الحياة والمعيشة فيها في الهواء الطلق طوال السنة وليس فقط في مواسم معينة بالرغم من المناخ الحار في فصل الصيف .
إضافة تعليق جديد