New Working Methods And Office Design
إعداد : المهندس إبراهيم عبد الله أباالخيل
منذ بداية الألفية الثانية ونحن نشهد تحولات جذرية في تصميم المباني المكتبية أكثر هذه التحولات جاءت نتيجة استعمال أدوات عمل جديدة ونتيجة إلى ما استجد من ضرورة تطبيق معايير استدامية على المباني بشكل عام ونتيجة إلى الهدف العام الدائم للاقتصاد في تكلفة بناء المباني المكتبية وتحسين المعروض من المساحات المكتبية، وأهم من ذلك هو رفع كفاءة إنتاج العمل المكتبي.
ويمكن أن نجمع هذه التحولات في تصميم المباني المكتبية إلى :
1 – تحولات في أساليب العمل المكتبي وفراغاته
2 – تحولات في معايير التصميم .
-1 أهم التحولات في أساليب العمل المكتبى وفراغاته التي تؤثر علي تصميم المباني المكتبية
استعمال وسائل عمل جديدة :
يركز التحول في طرق العمل المكتبي اليوم على التركيز على العمل الفكري الغير مادي والغير مرتبط بالضرورة بمكان عمل محدد . وذلك من خلال ما يعرف بأدوات العمل المتنقلة (الحاسب المحمول ، الهاتف الذكي ، الانترنت،…) التي لا يحتاج استعمالها إلى مكان عمل ثابت، سواء لأداء العمل أو للتنسيق بين العاملين . الأمر الذي أدى إلى محاولة استغلال ذلك في خفض المساحات المكتبية كوسيلة لخفض التكلفة ( البناء والتشغيل ) . كما دفع إلى الإهتمام بدراسة كيفية استغلال أدوات العمل المكتبي الحديثة لتحقيق أكبر عائد مادي منها .
طرق عمل جديدة :
نتيجة لذلك بدأت تظهر طرق عمل جديدة بعضها لا تستدعي التواجد في مقر مكتبي، فلقدثبت أن التواجد في مقر العمل والإلتزام بساعات الدوام لا يضمن بالضرورة تحقيق التركيز في العمل أو الحضور الفكري ،
على أن ما يضمن النجاح في العمل المكتبي اليوم هو تحقيق العمل التعاوني والتواصلي والتجانس الفكري والمحقق للثقة بين أفراد فريق العمل. تحقيق هذا العمل التعاوني يجب أن يكون في ذهن المصمم المعماري والداخلي عند تصميم المباني المكتبية. فالتصميم المعماري للمكاتب غير كافي وحده أن يحقق كل متطلبات العمل المكتبي الجديدة بدون تأثير الفراغ المكتبي على كفاءة العمل : شكل الأثاث ، الألوان ، الهواء الصحي. الإضاءة الطبيعية ، مستوى الصوت ، مدى توفر ومناسبة الشبكات التقنية للعمل المكتبي .
تطوير الفراغات المكتبية :
يهدف الفراغ المكتبي الحديث إلى توفير أثاث عمل وغرف اجتماعات وشاشات حواسب مريحة فهي تمثل العنصر الأساسي للعمل المكتبي الفكري . إنه فراغ وظيفي واسع ومرن يوفر فراغات اجتماعية (غرف اجتماعات)، وأروقة للحركة، وفراغات استقبال وتواصل، واستعمال أدوات تساعد على الحساب والكتابة والإتصال والوصول إلى المعلومات . في فراغات العمل المكتبي اليوم يمكن ومع تطور أساليب العمل المكتبي ومع السعي للاقتصاد في المساحات المكتبية ظهرت حلول جديدة ؛ فبالإضافة إلى المساحات المكتبية المفتوحة Open Spaces التي مازالت هي النموذج الشائع ، هناك نظم عمل جديدة مثل ما يعرف بنظام Co-Working وغيرها من الأنظمة الجديدة وهي كلها أنظمة تريد أن تتحرر من النظام المكتبي التقليدي القائم على العمل الثابت إلى نظام عمل متنقل يختار فيه العامل المكان الذي يريد أن يعمل فيه، فيمكن العمل في بيته أو في مكاتب مشاعة قريبة من سكنه، ويمكن منها أن يتواصل مع مقر عمله الإنترنت أو الهاتف الذكي . وحتى في مقر عمله يمكنه أن يعمل في أي مكان يختاره بدون الحاجة إلى مكتب ثابت خاص فيه نتيجة لإستخدام الحاسب المحمول.
على أنه يجب أن يقوم تطوير الفراغات المكتبية على أساس تطوير أساليب العمل أولًا فإن لم يكن هناك تطوير لأساليب العمل فلا معنى لتطوير هذه الفراغات. وهذا ما نشاهده في مناطق كثيرة من العالم وفي منطقتنا ، عندما تقوم بعض المؤسسات بتطوير فراغاتها المكتبية وإعادة تأثيثها بإستعمال نماذج من التأثيث الحديث الذى يعتمد على أساليب عمل غربية لتحسين صورة المؤسسة، دون الإنتباه إلى ما إذا كانت المؤسسة قد طورت أصلًا أساليب عملها. فمثلًا أساليب العمل الحديث في الغرب اليوم تعتمد على إلغاء الفروقات في المراتب والروتين المكتبي ، الأمر الذي يؤثر على إختيار الأثاث.
خفض تكلفة المساحات المكتبية :
تمثل المساحات المكتبية نسبة من التكلفة الكلية وتتفاوت نسبتها ما بين ١٠ إلى ٢٠٪ من التكلفة الكلية حسب كل بلد، لكن تقليل المساحات المكتبية بهدف خفض كلفة البناء ليس بالضرورة حلاً ناجحًا إذا لم يتم ربطه بنسبة الإشغال الزمني للمساحة . حيث أن تقدير ما إذا كانت نسبة التكلفة عالية أو منخفضة يعتمد اليوم على مقارنتها بنسبة الإشغال الزمني للمساحة المكتبية. ولذلك فإن زيادة نسبة الاشغال زمنيًا ومكانياً أصبح هدفًا رئيسًا من أهداف تحقيق الحلول الاقتصادية الناجحة التي تحقق العلاقة المتوازنة بين المساحات المكتبية ونسبة اشغالها زمنيًا ومكانيًا، وبالتالي التكلفة . وهناك أمثلة كثيرة توضح كيف أن خفض التكلفة لا يعتمد على خفض المساحة :
– فالمساحات المكتبية المفتوحة التي تهدف إلى تقليل المساحات أصبحت تواجه انخفاض اشغال، وذلك ناتج عن الحرية التي توفرها أدوات العمل المتنقلة التي أصبحت تسمح بإختيار الموظف لمكان عمله ، بالإضافة إلى أن هناك عدم الرضى من أن المساحات المكتبية المفتوحة لا تؤمن الراحة النفسية .
– كما أن الوحدات المكتبية الغير مخصصة أو التي يمكن أن يستعملها أكثر من عامل Flex Office ، وهي وحدات توفر كثيرًا في المساحات، ولكنها تواجه عدم رضى من قبل العاملين حيث يرى البعض أنها تقلل من القيمة الشخصية للعامل.
– خفض التكلفة قد يكون عن طريق تغيير مكان العمل، فمثلًا كلما ابتعدنا عن مركز المدينة إلى أطرافها، كلما انخفض سعر المتر ، ولكن الإنتقال المتكرر مكلف كذلك ، حيث أنه يمكن أن يعاد النظر فيه حسب حاجات العمل.
– تقليل المساحة المكتبية لكل عامل عن طريق تصميم الأثاث ولكنها غير فعالة كذلك.
– العمل خارج المقر بالإعتماد على وسائل الإتصال الحديثة ( العمل من المنزل ) ولكن هذه الطريقة تجعل العامل غير مندمج مع الأخرين.
كفاءة العمل المكتبي :
التحول من العمل المكتبي التقليدي لصالح تعميم أدوات العمل المتنقلة ، والوصول السهل إلى المعلومات ، وتعدد التخصصات وتفرعها لتخصصات أكثر عمقًا ، والدافع في المشاركة في إنجاز الأعمال ( فرق العمل ) بهدف تحقيقه للنوعية، كل ذلك يفتح المجال لرفع كفاءة العمل والإنتاج المكتبي.
يشكل عدم ارتباط كفاءة العمل بالمبنى المكتبي أو أوقات الدوام أصبح دافعًا لإيجاد نظم مبتكرة ونشطة، تحقق الإدارة الفعالة عن بعد وتعوض عن التقارب المكاني والتضامن بين أفراد فريق العمل .
التضامن الجماعي في العمل يعتبر من أساسيات تحقيق الكفاءة في العمل .
الهدف من بناء المباني المكتبية اليوم من مقرات أو مساحات مكتبية للاستئجار هو إيجاد ترابط اجتماعي وإنساني بين العمال.
نجاح المبنى المكتبي يعتمد اليوم على أسلوب النظام الإداري القادر على تحقيق الكفاءة الفكرية الإنتاجية، فالعمل المكتبي هو عمل خدمي يعتمد الإنتاج فيه على الفكر، وبالتالي يجب أن يركز تصميم المباني المكتبية على كل ما يرفع من الكفاءة الفكرية للعمال .
-2 تحولات في معايير تصميم المباني المكتبية :
نستعرض هنا عدد من المشاريع التي تتبنى جوانب من معايير التصميم الجديدة التي جاءت نتيجة إلى التحولات في أساليب العمل المكتبي وربما أهمها التأكيد على مرونة العالية لفراغات العمل المكتبي مما يساعد التصميم على التحرر من كثير من التفاصيل ويسمح بحرية أكبر لتخليل مباني مكتبية تتفاعل مع محيطها أو تحقق الجذب أو الإرتباط بالطبيعة من مثل التفاعل مع المحيط ، وتحقيق الجذب ، والارتباط بالطبيعة ، أوتحقيق معاني رمزية، أو تطبيق معايير الاستدامة .
المبنى المكتبي يتفاعل مع محيطه : ( ص 26 )
هذا التوجه نجده في مبنى تجاري / مكتبي في مدينة ديسلدورف الألمانية من تصميم مكتب Ingenhoven Architects . يرافق هذا المشروع معلميين معماريين هاميين في المدينة وهما برج مكتبي ومسرح المدينة ويقدم التصميم حلًا عمرانيًا يهدف إلى المحافظة على مكانة هذين المعلميين ، فنظرًا لكون المساحات التجارية والمكتبية هي مساحات مفتوحة فإن كتلة المبنى يمكن أن تشكل بسهولة من الخارج فلقد تم فصل المبنى إلى كتلتين كتلة ترتفع٥ أدوار والأخرى دور واحد تظهر الكتلتين وكأنهما جزئين من حديقة يحيطان بساحة وسطية يمر بينهما ممر يؤدي إلى الساحة، الساحة تجمع بدورها المبنى الجديد بالمعلميين. الكتلة الكبيرة تأخذ جوانبها شكلًا متدرجًا . تم زراعة أسطح وواجهات المبنيين ، بحيث يؤكدان على فكرة الحديقة المحيطة بالساحة ويزيدان من الرقعة الخضراء للمدينة . المبنى المكتبي هنا لا يخدم فقط العمل المكتبي بل يشارك في رفع قيمة التاريخية للمدينة من خلال إبراز معالمها والمحافظة كما يساهم في تحسين الفضاءات العامة وجعلها فضاءات جاذبة .
المبنى المكتبي يعبر عن وظيفته : ( ص 30 )
هذا التوجه نجده في مبنى مكتبي في كاليفورنيا وهو مركز للتقنيات المبتكرة Form4 Architecture حيث عمد المصمم إلى التعبير عن وظيفة المبنى باستخدام خطوط ومنحنيات تذكر بالرسومات البيانية التي تستخدم في الأبحاث التقنية للمركز .
المبنى المكتبي يحقق أكبر قدر من المميزات العقارية لجذب المستأجرين : ( ص 36 )
هذا التوجه نجده في مبنى مكتبي في أحد ضواحي مدينة طوكيو من تصميم مكتب ETHNOS هذا المبنى يعرض مساحات مكتبية للإيجار ، ونتيجة لصغر مساحة الأرض قام المصمم بوضع الخدمات على جانب من الأرض وإخلاء وسطها ليحصل على أقصى مساحة مكتبية مفتوحة وبحيث تطل على كافة الإتجاهات لتوفر إضاءة طبيعية وفيرة لها، كل دور يوجد به مكتب واحد وتم عمل سلالم خارجية تصل كل مكتب بالشارع مباشرة ، يظهر كل دور منفصل عن الأدوار الأخرى من خلال تحريك كتلة الدور عن الذي تحته ، بحيث يمكن التفريق بين المكاتب بصريًا. لما كان هذا المبنى المكتبي هو للإيجار فلقد ركز التصميم على البحث عن الأفكار والتفاصيل المعمارية التي تجعله جذبًا للمستأجرين حيث ركز على تقديم أكبر مساحة مكتبية ممكنة وتحقيق الخصوصية لكل مساحة وانفراد كل مكتب بمدخله ودوره وتمييزه بصريًا من الخارج .
المبنى المكتبي يتفاعل مع الطبيعة : ( ص 42 و 48)
هذا التوجه نجده في هذين المبنين المكتبين :
– المبنى الأول منهما هو برج مكتبي في مدينة نيس الفرنسية من تصميم مكتب Dimitri Roussel (Agence DREAM), Nicolas Laisné Architectes
يستغل المصمم اعتدال المناخ في المدينة لينقل السلالم بين الأدوار إلى المحيط الخارجي ويفتح فراغات العمل على الخارج باستخدام شرفات وسلالم ويمكن كذلك بالعمل في الهواء الطلق بتخصيص مساحات في الشرفات لهذا الغرض معتمدًا على ما توفره وسائل العمل المكتبي الحديث من سهولة إنتقال وحرية إختيار لمكان العمل .
– المبني الثاني هو حديقة مكتبية في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية من تصميم مكتب selgascano – Jose Selgas, Lucia Cano يذهب هنا التصميم بعيدًا في التفاعل مع الطبيعة بوضع فراغات العمل في وسط حديقة في وحدات مكتبية ذات واجهات زجاجية تجعل العامل دخلها يعمل وسط الطبيعة تمامًا. يوفر المبنى المكتبي أجواء عمل مثالية، ويساهم في نفس الوقت من زيادة الرقعة الخضراء للمدينة.
المبنى المكتبي جزء من التطوير العقاري المتعدد الاستعمالات لإعادة الحيوية للمناطق القديمة : ( ص 52 )
هذا التوجه يجسده مبنى متعدد الاستعمالات في مدينة هيوستن الأمريكية من تصميم مكتب OMA . في هذا المشروع الذي يحتوي على استخدامات تجارية وترفيهية ومكتبية تتفاعل المساحات المكتبية مع وظائف المبنى لتحقق تعدد الاستعمالات الذي يعيد الحيوية المطلوبة لمراكز ضواحي المدينة القديمة .
المبنى المكتبي يدعم شباب الأعمال : (ص 58 )
هذا التوجه يجسده مبنى مكتبي في أحد ضواحي لندن وهو من تصميم مكتب Hawkins \ Brown . الفكرة نشأت من وجود مبنى قديم ذو هيكل حديدي يمكن إعادة تأهيله ليؤي وحدات عمل لشباب الأعمال من سكان الضاحية تؤجر لهم بأسعار مخفضة . الهيكل الحديدي يسمح ببناء وحدات سريعة التنفيذ بمواد خفيفة داخله ، ويفر مرونة عالية عند الحاجة إلى تعديل وظائف المبنى .
إضافة تعليق جديد