إن التطورات المتلاحقة في المجالات الرقمية والتحكم الآلي التي شهدتها ساحة البناء تستدعي أن نتوقف قليلاً عندها ، لأنها تحولات جذرية ستغير من نظرتنا إلى المباني وقيمتها. فنحن نسمع كثيراً اليوم عن المباني الذكية ولكننا لا نعلم عنها الكثير .
فكوننا نستطيع أن نبرمج من خلال أنظمة ذكية تتحكم في مقدار التهوية أو الإنارة دون أن يتدخل المستعمل في ذلك قد يرى فيه البعض شيء من الرفاهية التي لا يقدر عليها إلا القليلون ، وربما يكون من الصعب مثلاً تطبيقها في المساكن الاجتماعية. على أن ذلك يمكن أن ينطبق على كل إكتشاف جديد، ولكن ما يجب ملاحظته هنا هو مدى سرعة تطور تقنيات المباني الذكية اليوم ، وما يمكن أن تحدثه من تغير في حياة سكان المدن .
إذا أردنا أن نوضح أهمية المباني الذكية يمكن إجراء مقارنة بين الأجهزة الذكية التي تستعمل في التحكم الآلي في المباني بالجهاز العصبي للإنسان وشبكته التي تدير حركتنا ، الجهاز العصبي للإنسان لا يمكن الاستغناء عنه ، وهذا تماما ما يحدث في المباني ؛ فقبل استعمال الأنظمة الذكية كانت المباني كالإنسان الذي ليس له جهاز عصبي يدير حركته الشعورية واللاشعورية، وبالتالي يمكن القول أن الأنظمة الذكية هي ضرورة بعيدة عن الرفاهية.
فمن خلالها يمكن أن نوفر على أنفسنا الكثير من الوقت لإدارة مبانينا ، الذي يمكن أن نستعمله في أشياء أخرى مفيدة . كما يمكن خفض استهلاك الطاقة والمياه دون أن تكون هناك حاجة لكي نراقب ذلك طول الوقت؛ فالمراقبة الأمنية والسلامة وتغيير درجات الحرارة والإنارة و كمية المياه كلها قد أخذت في الحسبان عند برمجة الأنظمة الذكية مما يساعد بشكل كبير على خفض تكلفة الطاقة من جهة ويوفر الراحة من جهة أخرى .
كل ذلك يمكن أن تحدثه الأنظمة الذكية بل وأكثر من ذلك على مستوى إدارة المباني والأحياء والمدن والأقاليم والدول .
على أن ذلك لا يمكن أن يحدث هكذا بل يجب أن يكون ذلك في إطار إستراتيجيات عامة ، قد تبدأ من الإدارات المحلية ولكن كذلك من خلال إقناع المستعملين للمباني . وأعتقد أن هناك سهولة في تفهم دور الأنظمة الذكية الإيجابي من قبل الأشخاص العاديين نظراً لما يمكن أن توفره من الناحية الاقتصادية والأمنية والراحة وتوفير الوقت ، مما قد يحدث ذلك تغيير كبير في تصميم مبانينا ومدننا .
وإذا كان الأمر كذلك فمن الضروري أن نبدأ سريعاً في تشجيع المستعلمين والقائمين على المدن ، فلن يكفي أن نستعمل الأنظمة الذكية فقط كل منا في مسكنه ،بل يجب أن يكون هناك تنسيق على مستوى الإدارات المحلية وعلى مستوى المدينة والدولة .
الناشر ورئيس التحرير
إضافة تعليق جديد