Smart Building Design
إعداد : م . إبراهيم أبا الخيل
مباديء الأنظمة الذكية للتحكم الآلي في المباني (Automation)
تشبه الأنظمة الذكية للتحكم الآلي في المباني بنظام الجهاز العصبي للإنسان .
فأحد خصائص الجهاز العصبي هي تلك الشبكة التي تربط بين بلايين الخلايا العصبية والتي يتحكم فيها من خلال العقل والحبل الشوكي ، كما تنقسم وظيفة الجهاز العصبي إلى جهاز عصبي لا إرادي يتحكم في الوظائف اللاإرادية ، و جهاز عصبي إرادي ويتحكم في الوظائف الإرادية . كما يحتوي الجهاز العصبي على خلايا حسية أو متلقيات للإحساسات ( Receptors ) .
ويقابل ذلك في الأنظمة الذكية للتحكم الآلي في المباني شبكة تربط بين مكوناتها ويتم التحكم فيها مركزيًا .
كما تحتوي الأنظمة الذكية على أنظمة للتحكم اللاإرادي ، تمامًا كما في الجهاز العصبي ، بهدف سلامة المستعملين؛ عندما تبرمج أبواب المصاعد مثلًا لتفتح تلقائيًا لتجنب الاصطدام بأي جسم يعترض حركتها .
ويطلق على الحركة اللاإرادية للجهاز العصبي ردة فعل أو (Reflex ) ويقابلها في الأنظمة الذكية عبارة ( Hard-coded) .
وكما يحتوي الجهاز العصبي على خلايا إستشعار حسية ، تحتوي الأنظمة الذكية على خلايا استشعار حسية أو
( Sensors ) ، بينما العضلات التي تنفذ حركة الإنسان يقابلها في الأنظمة الذكية المحركات أو ( Actuators ) .
ولذلك يمكن القول بأن الأنظمة الذكية للتحكم الآلي تعتبر جزء من طبيعة المخلوقات .
إنترنت الأشياء ( Internet of Things )
في الطبيعة تنحصر شبكة الخلايا الحسية للشخص الواحد على ما تتلقاه من مصدر واحد هو هذا الشخص بينما في إطار شبكة الإنترنت فتتعدد مصادر تبادل المعلومات بين الأشياء وهو مايطلق عليه إنترنت الأشياء حيث تتوفر لكل شيء ليس فقط المعلومات الخاصة به بل يتم الاستفادة من معلومات المصادر المتعددة الأخرى، الأمر الذي يرفع من مستوى التقني الفردي أو للشيء . تمثل النباتات مثالًا لفكرة إنترنت الأشياء ، فالنباتات تمر بعملية طبيعية تجمع فيها معلومات تاريخية وحاضرة عن الطقس والمناخ ، والأضرار الطبيعية من حرائق وحشرات ضارة ، وتحولات في التربة ، وتنافس على البقاء ، وجمع الغذاء ، و الحماية من الحيوانات المفترسة، وعدد كبير من العوامل التي تؤثر على نموها وإستراتيجية بقاؤها، فإذا توقع أو استشعر النبات حدوث السقيع في الثلاثة الأيام المقبلة فإنه يمكن أن يؤخر تورده . وبدون هذا التدفق من المعلومات فإن النبات سوف يتصرف بطريقته التلقائية التي لا تضع في حسبانها أي متغيرات مناخية أو أخطار محدقة إلخ…
الذكاء الاصطناعي ( Artificial Intelligence )
ونتيجة لإنترنت الأشياء فإن الأنظمة الذكية تحتوي على معلومات هائلة نتيجة للمعالجة المستمرة للكم الهائل للمعلومات وحفظها وهوما يطلق عليها ( Big data ) مما يفوق الطاقة المقدرة الإنسانية للعقل على إستيعابها.
مما يستدعي اللجوء لتقنيات التحكم الآلي الحديثة وهو ما يعرف اليوم بالذكاء الإصطناعي ( AI ) .
المباني كغيرها من الأشياء تحتاج إلى استخدام الذكاء الإصطناعي في ٣ مجالات : كفاءة الطاقة ، الأمن والسلامة ، الراحة.
لأن معظم عناصر المباني تحتاج ويمكن أن يتحكم فيها آليًا بطريقة أو بأخرى مثل : النوافذ ، الأبواب ، الواجهات الزجاجية ، العزل الحراري ، الإضاءة ، التهوية ، التدفئة ، التكييف …
من جهة أخرى فإن المباني الذكية تحتوي على عدد كبير من الحساسات والكميرات التي تجمع كم هائل من المعلومات على مدار الزمن والتي يتم معالجتها وتحليلها والاستفادة منها .
يسمح هذا بقيمة مضافة لمستعملي المباني الذكية بشكل يفوق ما كان قائمًا من ذي قبل خاصة وأن الناس يعيشون أكثر أوقات حياتهم داخل المباني ، وهو ما يمكن مشاهدته اليوم من استعمال الإنسان الآلي في الخدمات المنزلية مثلًا . وفي المستقبل القريب
ستكون كافة الأعمال المنزلية من نظافة وتشغيل الآلات وتغذية بالطاقة والمياه وتصريفها جزء من التحليل العام للمعلومات والتحكم فيها ، كما يمكن أن يدخل في ذلك مراقبة ومساعدة العجزة وكبار السن والأطفال .
وظيفة الأنظمة الذكية للتحكم الآلي وأشكالها
بصرف النظر عن الطريقة التي تنفذ بها المبنى الذكي تقنيًا اليوم أو غدًا هناك سؤال يجب الرد عليه : ما هي المممارسات والاستعمالات السهلة الجديدة التي يمكن أن تستعمل فيها التقنيات والأنظمة الذكية والتي يمكن أن تكون ذات جدوى لتجعل المبنى ذكيًا. فالأنظمة الذكية يمكن أن توفر وظائف تحكم مثل الفتح والإقفال والتعيين والإشارة والحساب والقياس ، فإن التطبيقات التي تقوم على الوظائف الذكية تعتمد على التفاعل بين المكونات الإلكترونية ، حيث تعمل الحساسات والمحركات على تبادل المعلومات فيما بينها بواسطة وسيط ناقل فمثلًا الان تقوم الحساسات باستشعار وجود شخص في الغرفة فتضيء الإنارة . أو تستشعر الحساسات انخفاض نوعية الهواء فتزيد من كمية الهواء أتوماتيكيًا . هذه العلاقة بين الحساسات والمحركات هي القاعدة الأساس الأولى في أنظمة التحكم الآلي وتبنى عليها تطوير الأنظمة للعلاقات على مستويات أعلى . وتتفاعل وترتبط الأنظمة مع بعضها البعض من خلال نظام شبكة عامة ( BACS ) يقوم على نقل المعلومات بينها .
نظام الأمن والسلامة
كل الوظائف التابعة للأمن والسلامة في أي مبنى تهتم باستشعار الحريق أو السرقات أو حالات الاعتداء على الأشخاص ويشار إليها ب( HAS ) وتعني hazard alert system وتتضمن :
– التحكم الشخصي في تشغيل النظام.
– إصدار إنذار بالخطر ( للمبنى وللجهات الأمنية العامة ).
– الإطلاق الآلي لعمل النظام للحد من الأضرار .
ويتم تصميم وتركيب وتشغيل النظام حسب المواصفات والأنظمة المعمول بها وعادة يعمل هذا النظام بمفرده ولا يرتبط بشبكة الأنظمة (BACS ) وتعني building automation control system ولكنه يمكن أن يغذي الشبكة بالمعلومات في حالة إطلاق إنذار الحريق لكي يوفر الحماية للأنظمة الداخلة في الشبكة .
نظام التحكم في استهلاك الطاقة
إن الأجهزة المختلفة التي تدار بالطاقة ويستخدمها الإنسان كأجهزة : التدفئة والتبريد وتسخين الماء وتنقية الهواء والإنارة وتحريك كاسرات الشمس الخارجية ، التي صنعت بدون تحكم دقيق في عملها يجعلها ترتبط باستعمال الإنسان مباشرة فإذا أضاءت إنارة غرفة ثم خرجت منها قد تنسى أن تطفيء الإنارة وقد تبقى الإنارة هكذا لساعات طويلة لتستهلك طاقة غير منتفع بها بينما إذا قورن ذلك بجسم الإنسان سنجد أن هناك نظام استشعار وإنذار تلقائي عند الشعور بالجوع . الأمر الذي دفع إلى ضرورة عمل هذه الأجهزة فقط حسب الحاجة والطلب لضمان كفاءة استهلاك الطاقة ، ومن خلال استعمال أنظمة التحكم في استهلاك الطاقة يمكن الحد من الإسراف في الاستهلاك بطريقة فعالة وتقدم هذه الأنظمة الحلول للمشكلات التالية :
– التمشي مع سلوك المستعملين .
– وجود المستعمل داخل المكان .
– تحديد الأوقات التي تحتاج إلى تشغيل الأجهزة واستهلاك الطاقة .
نظام توفير الراحة في الاستعمالات المختلفة في المباني:
إذا كانت أنظمة التحكم في وظائف المباني تهدف إلى تحقيق الآمن والسلامة أو التوفير في استهلاك الطاقة فهي بطريقة غير مباشرة تساعد على توفير الراحة في المباني حيث توفر عليك مثلًا إطفاء إنارة المكان أو تتحكم في كمية الهواء المكيف أو تنقيته تلقائيًا حسب سلوك ومتطلبات المستعمل بدون بذل مجهود منه . وهكذا إذا جمعنا كافة الاستعمالات داخل المباني التي تدار بأنظمة ذكية سنجد أنها تحقق مستوى عالي من الراحة ؛ البعض قد يرونه نوع من الرفاهية ولكنها توفر قدر كبير من الجهد والوقت على الإنسان يمكن أن يبذله في أشياء أخري نافعة . على أن الأنظمة الذكية التى تراعي متطلبات الراحة والتي لا تقتصر فقط على السلامة وكفاءة الطاقة فيمكن أن نضيف لها التحكم في تحريك النوافذ والأبواب والقواطع والسلالم والأثاث …
هذه الوظائف تتنوع حسب احتياج واستعمالات كل غرفة أو فراغ في المبنى ( غرفة فندق ، قاعة محاضرات ، محل تجاري ،… )
الإدارة والمراقبة والتحكم في تشغيل الأنظمة الذكية في المباني :
كما هو الحال بالنسبة للجهاز العصبي في الإنسان والتحكم فيه وإدارته بواسطة جهاز تحكم مركزي هو العقل فإن الأنظمة الذكية تدار بواسطة جهاز تشغيل وتحكم وفيه يتم معالجة كل المعلومات مركزيًا وبطرق عرض وتشغيل وتسجيل وتقييم مركزية. وبحيث تسمح للمشغل المراقب بالتعرف على سير عمل النظام وإصدار الأوامر والتكم في التشغيل … وقد تكون أجهزة التحكم على شكل شاشات تحكم باللمس أو تطبيقات رقمية بواسطة الهواتف الذكية أو عرض ثلاثي الأبعاد مع وسائل للتعرف الصوتي على المستعمل … ولذلك فأنه من الضروري أن يكون إختيار الاستعمال الذكي للأجهزة مقررًا في بداية تصميم المباني لتأخذ في الإعتبار في كافة مراحل التصميم ولتحقق الفائدة منها عند تصميم الشبكات المختلفة في المباني ( الكهرباء ، المياه ، التدفئة التكييف ، حركة النوافذ والأبواب والأثاث … )
طرق التصميم المعماري الحديثة للمباني الذكية :
لطالما أعتبر المصمم أن تصميمه للمبنى يشمل فقط تحقيق وظيفة أو وظائف الاستعمال والإنشاء والشكل النهائي للمبنى، بينما يفصل بين تصميم المبنى وأجهزته تشغيله المختلفة ( التدفئة ، التكييف ، التهوية ، الإنارة ، … ) .
مع ظهور الأنظمة الذكية :
– أصبح من الضروري إعادة النظر في تصميم المبنى بحيث يشمل ذلك الأجهزة ، خاصة مع تحول مفهوم تصميم المباني ليتم تصميمها بطريقة شاملة فيأخذ المصمم منذ بداية التصميم كل مكونات المباني في الحسبان فيشارك المعماري في تصميمه كل من المهندسين الإنشائين والميكانيكين وكل المتخصصين في تصميم مختلف مكونات المباني ، ويمكن تعريف هذا التصميم بالتصميم الشامل ( Integrated Design ) وهو التصميم الذي يتم التنسيق فيه بين كافة التخصصات منذ بداية العمل .فإذا أردنا تصميم مبنى ذكي يجب أن يأخذ المصمم ذلك في الإعتبار ليس فقط لمجرد أن تتماشى الأنظمة الذكية مع تصميم المبنى ولكن ليصبح النظام الذكي أحد مكونات التصميم التي تؤثر على الأفكار المعمارية للمشروع .
– لقد أصبح من الضروري إعادة النظر في طرق رسم المخططات بحيث تكون واضحة ويسهل التنسيق فيها بين مختلف التخصصات بحيث يمكن رسم المخططات لتظهر ثلاثية الأبعاد ، بل من الضروري اليوم أن يتم تنفيذ المبنى رقميًا قبل بنائه في الواقع الإفتراضي . هذا النموذج الافتراضي سيجعل من السهل تجربة نجاح الأنظمة الذكية في المباني .
كما أصبح من الضروري أن تصمم الأنظمة الذكية بحيث تكون سهلة الإستعمال فالكثير منها يصعب استعماله (صيانته وتشغيله ) حتى من المتخصصين .
تقنية المباني الذكية :
تهدف الأنظمة الذكية إلى تأمين عمل كل الأجهزة الخادمة للمباني الذكية بحيث تتفاعل فيما بينها آليًا ( الأتمتة أو Automation) بطريقة سلسة . تمثل أتمتة المباني القاعدة الأساسية لهذا التفاعل وتنقسم أتمتة المباني إلى ثلاثة عناصر : الإدارة التقنية للمبنى ( TBM ) أو Technical Building Management ، أتمتة الغرف ( RA ) أو Room Automation ، أتمتة الآلات ( PA ) أو Plant Automation. حيث تقوم الإدارة التقنية بالمراقبة والتشغيل وتسجيل وحفظ المعلومات وعرض معلومات سير عمل كل أنظمة الأتمتة في المبنى . أما أتمتة الغرف فتهتم بأتمتة كاسرات الشمس أو الإنارة أو التكييف في الغرفة . وتهتم أتمتة الآلات بالمراقبة والتحكم وتنظيم عمل وكفاءة الأنظمة الأساسية ( التدفئة ، التبريد ، التهوية ، التكييف . )
وتهتم كل من أتمتة الغرف والآلات بتأمين الطلب على الأجهزة ولذلك فهي ترتبط فيما بينها .
تتوزع مهام أتمتة المباني على ٣ مستويات :
مستوى تنفيذ العمل : وتضم خمس وظائف :
التحكم في الفتح والإغلاق ( Switch )، تحديد الموضع ( Positioning ) ، التوجيه ( Indication ) ، الحساب (Counting ) ، التقييس ( Measuring ) . وتقوم به خلايا حساسة ( Sensors ) ومحركات ( Actuators ) حيث تحول الخلايا الحساسة التغيرات الطبيعية ( الحرارة ، الإضاءة، الرطوبة ) إلى إشارات كهربائية ، وهذه الإشارات يتم استخدامها من قبل المحركات أو الآلة المؤتمتة بتحويل الإشارات الكهربائية إلى حركة آلية لتنفيذ الوظائف الخمس، مثل تحريك كاسرات الشمس إلى وضع محدد ، أو تشغيل مضخة لرفع المياه … . هناك خلايا ومحركات ذكية وهي تلك التي تتضمنها برامج التشغيل الرقمية وهناك خلايا ومحركات واقعية وهي التي تتضمنها الأجهزة .
مستوى الأتمتة : تنظيم سيرالعمل ( Regulation ) ، التحكم ( Control ) ، تحسين الكفاءة ( Optimization ) .
مستوى الإدارة : مركزة التشغيل ( Central operation)، العرض ( Visualization ) ، حفظ تسجيل المعلومات ( Data historization ) ، إدارة الشبكة ( Network Management ) .
الخلايا الحساسة والمحركات :
تقوم خلايا حساسة ( Sensors ) ومحركات ( Actuators) بتشغيل الأجهزة : حيث تحول الخلايا الحساسة التغيرات الطبيعية ( الحرارة ، الإضاءة ، الرطوبة ) إلى إشارات كهربائية ، هذه الإشارات يتم استخدامها من قبل المحركات أو الآلة المؤتمتة بتحويل الإشارات الكهربائية إلى حركة آلية لتنفيذ الوظيفة المرادة ، مثل تحريك كاسرات الشمس إلى وضع محدد ، أو تشغيل مضخة لرفع المياه… وهناك خلايا ومحركات ذكية وهي تلك التي تتضمنها برامج التشغيل الرقمية ، وهناك خلايا ومحركات واقعية وهي التي تتضمنها الأجهزة .
المشروعات التي يستعرضها العدد :
يستعرض العدد المشروعات الفائزة في المسابقة العالمية لمشروع تطويري عقاري كبير في مدينة بروكسل يضم مكاتب الإتحاد الأوروبي بالإضافة إلى عدد من الوظائف الأخرى ويرجع سبب إختيارنا عرض هذه المسابقة كونها مسابقة حديثة تم الإعلان عن نتائجها مؤخرًا ولأن من شروط ومتطلبات المسابقة هو أن تتمتع المبانى بأحدث الأنظمة الذكية للتحكم الآلي في أجهزتها المختلفة .
فلقد أطلق الإتحاد الأوروبي في مارس ٢٠١٨ م مسابقة معمارية دولية لتصميم مشروع تطويري عقاري كبير يضم بالإضافة إلى مكاتبها مطاعم محلات تجارية ومراكز لرعاية الأطفال وحدائق بمساحة إجمالية تبلغ حوالى ١٩٠،٠٠٠ م٢ تتضمن مساحات مكتبية تسع ٥،٢٥٠ شخص ، ومركز زائرين للإتحاد يستقبل ٣٤٥،٠٠٠ زائر سنويًا . نظمت المسابقة على مرحلتين وتم إختيار ثلاثة فائزين :
الفائز الأول :
Architect + Team leader
AVA ARQUITECTURA TECNICA
Y GESTION, S.L. (official name)
RAFAEL DE LA-HOZ ARQUITECTOS
(business name)
Spain
الفائز الثاني :
Architect + Team leader
2PORTZAMPARC
France
الفائز الثالث :
Architect + Team leader
BURO II & ARCHI+I (official name)
B2Ai (business name)
Belgium
إضافة تعليق جديد