طريقة أسر ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه بكميات كبيرة في النفايات الخرسانية المعاد تدويرها لتصبح مادة صالحة للبناء وصديقة للبيئة (تقرير صادر عن المؤسسة الفرنسية للعلوم وتقنيات النقل وإدارة الشبكات ).
المشكلة التي تواجه استعمال الخرسانة في البناء اليوم :
مع استهلاك سنوي يبلغ ٢طن لكل فرد ، تعتبر الخرسانة المادة الأكثر استهلاكا في العالم . يدخل الحصى في تكوين الخرسانة ويبلغ استعماله في الخرسانة ما يقارب ٤٠ ٪ من إجمالي استهلاك الحصى . اليوم هناك صعوبة في إيجاد الحصى كونه مادة طبيعية غير متجددة ، مما يؤثر سلبًا على استعمال الخرسانة و يدفع بعض الدول إلى استيراده ، على أن ما يزيد المشكلة هو الطلب المتنامي على الخرسانة علي مستوي العالم ، الأمر الذي دفع إلى البحث عن حلول جديدة لسد العجز الناتج عن الحصى من خلال خرسانة تعالج هذه المشكلة . من جهة أخري هناك تزايد كبير في حجم النفايات الخرسانية الناتجة عن الهدم في المنشأت التي انتهت صلاحياتها، الأمر الذي سيزيد من حجم النفايات الخرسانية المطلوب إعادة تدويرها . في الوقت الحالي يتم معالجة نفايات الخرسانة بطريقتين : إما دفنها أو إعادة استخدامها في طبقة دفان الطرق ، إلا أن ذلك لا يحل مشكلة الكم الهائل من نفايات الخرسانة وإذا لم يتم إيجاد مجالات جديدة لإعادة استخدام النفايات الخرسانية سيرتفع حجم معالجتها بشكل كبير .
العقبات التقنية لإعادة استعمال نفايات الخرسانة في هياكل المباني اليوم :
اليوم هناك أبحاث ومشاريع صناعية تهدف رفع نسبة استعمال نفايات الخرسانة المعاد تدويرها في مجالات غير الطرق مثل الهياكل الخرسانية للمباني ، ولسد النقص الحاصل في الحصى الطبيعي ، وذلك من خلال استعمال كسر النفايات الخرسانية . على أن ذلك يواجه بعض العقبات التقنية ؛ فعلاوة على أن كسر نفايات الخرسانة لا يتحلى بصلابة الحصى فأنه يمتص كمية كبيرة من الماء وبسرعة بطيئة نسبيًا . مما يضعف من الخواص الميكانيكية لهذا النوع من الخرسانة عند خلطها من جديد حال نقلها إلى مواقع البناء.
الحلول العلمية التصنيعية لتصبح النفايات الخرسانية مادة صالحة للبناء وصديقة للبيئة :
لتصنيع الأسمنت يتم حرق الحجر الجيري ( CaCO2 ) لدرجة ١٥٠٠مئوية في وجود رمل السليكا . وينتج عن ذلك مادة الجير (CaO) بينما تحرر هذه العملية معظم ثاني أوكسيد الكربون ( CO2 ) الموجود في الحجر الجيري أو (Decarbonatation). يتحد بعد ذلك الجير مع السليكا لتكوين الخبث ( Clinker ) ، الذي يتم طحنه وخلطه لإنتاج المادة النهائية الأسمنت . يمثل الكربون المحرر نتيجة صناعة الأسمنت نسبة ٧٪من انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي . عندما يتم تصنيع الخرسانة ، يتفاعل الأسمنت مع الماء وتتكون هيدرات السليكا والكالسيوم التي تكسب الخرسانة خواصها من المقاومة الميكانيكية ، هذه الهيدرات تكون غير مستقرة مما يجعل الخرسانة تتشبع من جديد بالكربون ببطءعند تعرضها للهواء لتتحول إلى حجر جيري وجل( هلام ) السليكا . يتخوف البنائون من عملية التشبع بالكربون من جديد فهي تزيد من حمضية الخرسانة ( تقلل من التشبع بالماء ) وتؤدي إلى صدأ حديد التسليح الغير قابل للتغيير . هذه العملية الطبيعية – كما سبق – هي عملية بطيئة لحسن الحظ ( لا تؤثر على الخرسانة إلا بعد عمر طويل ٥٠ عام تقريبًا ) الأمر الذي يدفع المؤسسة الفرنسية للعلوم إلى البحث عن طريقة تسرع من هذه العملية من خلال تعريض كسر نفايات الخرسانة للأوكسيجين ( CO2 ) تحت درجة تركيز وضغط عالية جدًا وذلك بدون الحاجة إلى استهلاك طاقة عالي . هذه العلمية التي تؤدي إلى التشبع بالكربون تعني أسره وتخزينه مما يجعل هذه المادة الجديدة صديقة للبيئة ويقلل من حجم انبعاثات الكربون في الجو ، فلكل طن من نفايات الخرسانة المعالجة هكذا يتم أسر وتخزين ١٥٠ طن من ثاني أوكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي ، وبالإضافة إلى ذلك يتم توفير ٦٥٠ كجم من الحصى الطبيعي . وأكثر من ذلك فإن هذه العلمية تكسب كسر النفايات الخرسانية مقاومة ميكانيكية إضافية .
إضافة تعليق جديد