تعاني منطقتنا من عدم وجود مصممين محليين عالميين أو لنكون متفائلين فهم قلة قليلة جداً. أقول ذلك لأني اعتقد جازماً أن المشكلة ليست في المواهب الفنية ولكنه في ثقلها . فالمنطقة هي ذات تاريخ حضاري ظهر فيه الإبداع المعماري بشكل لا يمكن أن يخطئه مؤرخي العمارة العالميين وأنا هنا في غنى عن تعديد التحف الإبداعية المعمارية التي أنتجتها المنطقة وكل من صممها وبناها على مر العصور .
وإذا كان الحال هكذا فما الذي حدث لماذا نحن نلجأ إلى المصممين والبنائين من دول أخرى . أنا لست كارهاً للمصممين العالميين لكن لا أحد يمكن أن يلومني على تطلعي إلى أن يكون لدينا مصممين بارعين ليس على الساحة المحلية فحسب بل كذلك على الساحة العالمية. انا واثق من أن لدينا فرص عظيمة لكي نكون بارعين ، فلقد قابلت مسؤول ياباني حضر ليمثل بلده في مؤتمر البيئة العالمي الذي عقد في باريس في ٢٠١٥ ،وكان يبحث عن مصممين متخصصين في البناء في المناخات الحارة لاستشارتهم في التعامل مع تلك المناخات فنتيجة للتحول المناخي بدأت الحرارة ترتفع في اليابان وتظهر علامات تحول مناطق كثيرة نحو الجفاف والتصحر. طلب مني أن أرشح معماريين من بلدي ، كون مناخنا هو مناخ صحراوي ومن البديهي أن يكون لدينا الكثير منهم، أليس كذلك؟
وعندما رجعت من المؤتمر وحاولت أن أتذكر ولو مبنى حديث محلي واحد يراعي المناخ الصحراوي المحلي ، فلم أجد، بالرغم من كل التاريخ الحافل بالتحف المعمارية التقليدية التي تنوعت أشكالها حسب كل بيئة صحراوية في منطقتنا ( ساحلية أو جبلية أو قارية) والتي تزخر بالتجارب والنظريات عن البناء في المناخات الحارة الجافة والرطبة . فهل يعقل ذلك !
الأمر ليس بالصعب ، فبجولة سريعة في شوارع أي مدينة من مدن المنطقة سيمكنك التحقق من ذلك مع الأسف .
أريد أن أرجع هنا إلى فكرة أننا كوننا نعيش منذ آلاف السنين في هذا المناخ الحار الصحراوي فإننا يجب أن نكون مؤهلين قبل غيرنا في التعامل معه ليس فقط في البناء بل في كل المجالات. ومن البديهي والطبيعي جداً أن نكون متخصصين بل مبدعين فيه . لكننا مع الأسف نحن نستورد الخبرات من الخارج لبناء مدننا الصحراوية ، مع أن الخبرة في هذا المجال على مر التاريخ هي لدينا، ومن المؤكد أننا لم نفقدها كون الأمثلة الكثيرة من المباني التاريخية مازالت شاخصة أمامنا حتى اليوم.
المشكلة هي اننا نفتقد إلى القاعدة العلمية فإن كان لدينا تعليم ومهنة إلا أننا نفتقد إلى القاعدة العلمية والبحثية. الفكرة التي أريد أن أصل لها هي كيف يمكن أن نحقق ذلك ، الأمر يكمن ويكفي في تأسيس مركز للبناء في المناطق الصحراوية الحارة ، هذا المركز سيكلل بالنجاح عالميًا كونه سينشأ داخل بيئة صحراوية وتحيط به أمثلة تاريخية تشكل مجال استلهام كبير له .
هذا المركز سيعكف على تطوير طرق البناء الحالية لتتناسب مع المناخ وسيضع خبرته تحت تصرف المشرعين لكودات البناء والعاملين في مجال البناء للاستفادة منه ليس فقط في المنطقة بل في كافة أنحاء العالم .
هذا المركز سيدعم كذلك خططنا البيئية للتعامل مع التحول المناخي الذي نعاني منه مثل غيرنا من الدول .
إضافة تعليق جديد