في البداية لم يكن هناك تعليم لفنون وحرف البناء بما في ذلك تصميم المباني، بل كانت كل هذه الفنون تتوارث من خلال التعليم والممارسة اللذان كانا يحصلان من من هم أكثرة خبرة ،
كان التعليم واكتساب الخبرة يتم في نفس الوقت وفي نفس المكان، الأمر الذي يعد مثاليًا لتأهيل المصمم المعماري ؛ فهو يتعلم نظريًا ويقوم بالتطبيق واكتساب الخبرة عمليًا . بعد ذلك انفصل التعليم زمنيًا ومكانيًا عن الممارسة ؛ فيتم التعليم أولًا ثم بعد ذلك يأتي اكتساب الخبرة من خلال الممارسة، فالأول يتم في دور التعليم والثاني يتم في مكاتب التصميم ،الأمر الذي – مما لاشك فيه – يطيل من مرحلة التأهيل ، كما يصعب و لا يخدم التأهيل حيث أنه يفصل بين الجانب النظري والعملي .
لقد مررت بالتجربة ، وربما اعتقد اني كنت أكثر حظًا من غيري ، فلقد درست في مدرسة الفنون الجميلة في باريس ، في هذه المدرسة يسمح للطالب ان يتدرب ما شاء من الوقت وهو مازال منتسبًا لها . التدريب كان ضروريًا لأنه يساعد الطالب علي رسم المشاريع وتقديم أفكار معمارية أكثرنضوجًا، وكان كثير من الطلبة يقبلون عليه لأنه يساعدهم علي كسب لقمة العيش وتقليل العبء علي ذويهم .
ولقد عانيت كطالب عربي في باديء الأمر ؛ ففي الوقت الذي كان يسهل علي الطلبة الفرنسيين التدريب في مكاتب التصميم كان من الصعب علي أن أجد من يقبل العمل لديه, كما انني كطالب مبتعث من الدولة لم يكن لدي مشكلة في تحمل تكاليف العيش ( الأمر الذي لن انساه وهذا من فضل الله علي ثم من فضل بلدي علي ) .
وفقني الله بعد ذلك فوجدت أن أحد من المشرفين علي التعليم كان قد عمل في دولة الكويت ويبدو أن ذلك ترك عنده انطياعًا جيدًا ( كان يأتي في المناسبات مرتديًا ثوب وعقال وغترة !!! ) فأشار علي أحدٍ الطلبة بأن اطلب منه العمل في مكتبه فوافق علي الفور وكذلك أمضيت أكثر من ٦أشهر في العمل اكتسبت فيها خبرة وربحت فيها مالًا .
مرت سنين التعليم بيسر وكنت أعمل من وقت لأخر بعد ذلك ، في الأجازات الصيفية وكلما كان المشرف لديه مشاريع ، وكنت أقبل ذلكً بهدف الخبرة والمكافأة المالية . لم يكن البرنامج الدراسي يتقيد بحضور الطلبة بعد العام الثاني من الدراسة ، وهكذا كان الكثير من الطلبة يتعلمون ويكتسبون الخبرة في نفس الوقت .
لم أدرس العمارة محليًا ولكني كنت في حقبة ممارستي للتصميم استقبل طلبة للتدريب لمدة 3 أشهر فقط وهي فترة قصيرة جدًا ، بحيث يصبح التدريب تحصيل حاصل ليس إلا .
لذلك أدعو إلى اعادة النظر في فترة التدريب والسماح للطلبة بالعمل كمساعدين في مكاتب التصميم ، بدء من العام الدراسي الثالث الأمر الذي سيساعد على اكتساب الخبرة والممارسة بطريقة سريعة ، كما أنه سيوفر عمالة وطنية في مجال التصميم بالإضافة إلى ما يمكن أن يجنيه الطالب من مكافآت مادية تجعله قادرًا على تحمل أعباء معيشته مبكرًا .
الناشر ورئيس التحرير
إضافة تعليق جديد