تعودنا عندما نتكلم عن البناء في الماضي ان نذكر المباني بشكل عام بدون الدخول في تفاصيل عناصرها. هنا أحاول ان أركز علي احد العناصر الهامة في المباني وهي استعمال المكيفات ، وأحاول أن أستذكر من خلال أوضاع ومشاهد بقيت في ذاكرتي : كيف كانت بداية المكيفات، وكيف تطور استعملها ، وكيف انتشرت ، وكيف وصلنا اليوم الي استعمال المكيف ٦ أشهر في السنة ، وماهي العوامل التي أدت الي استعمال المكيفات بالشكل الحالي.
يمكن ان نقسم مراحل تطور استعمال المكيفات في المباني في منطقتنا إلى 3 مراحل :
المرحلة الأولى :
– منذ أكثر من ٥٠ عام كان التصميم المعماري في منطقتنا يراعي توفير التهوية والإضاءة الطبيعية ، فالمباني التقليدية كانت بطبيعة حالها تراعي ذلك ، ولكن كذلك كانت المباني الحديثة المبنية من الأسمنت .
– اذكر هنا في الستينيات مبني الجوازات ، وكان من المباني الحديثة في الرياض، وكان يقع علي شارع الوشم، كان المبنى مكون من دور واحد ويتوسطه حوش كبير به بعض الأشجار ، وحوله رواق تفتح عليه غرف المبني . كان سقف المبني عاليًا ومكون من أقبية ذات فتحات علوية توفر لغرفه إضاءة طبيعية جيدة وكان يمكن فتح نوافذها للتهوية . المبني كان يستعمل بدون الحاجة للمكيفات ، مع انه كان مبني حديث مبني من الأسمنت .
– العمائر السكنية الحديثة في وقتها كانت توجد بداخلها مناور واسعة تسمح بتهوية وإضاءة الغرف الداخلية للشقق طبيعيًا .
– المباني في ذلك الزمان كانت لها شبابيك خارجية خشبية (شيش) تحمي نوافذها من أشعة الشمس ووهجها. كما كانت تستخدم كاسرات الشمس الخرسانية ووحدات الكلوسترا ( مشربيات خرسانية ) لنفس الغرض .
– بالنسبة للمكيفات كانت عامة الناس تستخدم المكيفات الصحراوية لتهوية وتبريد مساكنها في فصل الصيف ( مكيف او اثنين فقط في البيت ) وفي الغرف الهامة فقط،اماباقي الغرف فكانت تستخدم مرواح السقف، وكانت قلة قليلة لديها مكيفات فريون وبعدد قليل. كما كانت المكيفات المركزية تستخدم في الفنادق الفاخرة .
-كان بعض الناس يفضلون النوم علي أسطح المساكن ليلًا في فصل الصيف .
-بشكل عام كانت المكيفات تستخدم ٣ أشهر في السنة من بداية يونيو الي نهاية اغسطس .
المرحلة الثانية :
– في السبيعينيات توسع استعمال المكيفات في ظل مناخ ازدهار اقتصادي وتوفر طاقة رخيصة ،
– نتيجة لذلك اصبح التصميم المعماري لا يلتفت الي حماية المباني من الشمس وتوفير التهوية والإضاءة الطبيعية لها ، بل أوكلت هذه المسؤولية إلى مهندسي التكييف والكهرباء.
– اختفت الأفنية والأسقف العالية والمناور الدخلية وشبابيك الشيش وكاسرات الشمس، جردنا المباني من كل هذه العناصر بحجة التوفير في التكلفة ونسينا أنه سيأتي اليوم الذي سندفع فيه أضعاف هذه التكلفة في الطاقة المستهلكة في تشغيل المكيفات .
– معماريون كبار انتقدوا هذه الحالة ، وفي هذا الصدد اذكر قول المعماري المعروف حسن فتحي حول استعمال المكيفات بأنها تشبه حالة لاعب كرة الذي يسجل الأهداف بقتل حارس المرمي بالرشاش بدلًا من تصويب الكرة بقدمه.
المرحلة الثالثة :
– مع حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الأرض وبدأنا نستشعر زيادة الحرارة في فصل الصيف .
– الأمر الذي فاقم من مشكلة تبريد المباني واستعمال المكيفات وزادت فترة استعمالها إلى 6 أشهر في السنة ، تبدء في شهر مايو وتنتهي في أكتوبر.
– تزامن ذلك مع ارتفاع تكلقة الطاقة مما زاد الطين بلة .
– ليس هذا فقط ولكن المكيفات كانت تسخدم غاز تبريد هو من الغازات الدفيئة التي كانت وراء الاحتباس الحراري
– هذه المرحلة هي المرحلة التي نعيش فيها اليوم والتي بدء الوعي – والحمدلله – ينتشر أخيرًا في منطقتنا بهذه المشاكل ، وبدء العمل على ايجاد حلول لتبريد المباني بطريقة بيئية نظيفية وبطاقة غير مكلفة .
إضافة تعليق جديد