لماذا لا نحدد طابعًا محليًا ومعاصرًا لعمارة مدننا طابع يحدد هويتنا ويرشد اقتصادنا ويوجه تصاميمنا وصناعاتنا وحرفنا ؟
الفكرة ليست جديدة بل بدأتها بعض مناطقنا ومدننا قديمًا وحديثًا ، ولكن لماذا لايكون ذلك على نطاق شامل بحيث يكون ذلك نابع من مصدر واحد يأخذ في اعتباره متطلبات كل منطقة وينسق بينها ويضع معايير ويفصل تفاصيل تطبع عمارة مباني كل منطقة ومدينة بطابع قد يختلف في تفاصيله تبعًا للموقع الجغرافي الخاص ولكنه يتوحد تبعًا للتوجه الاقتصادي والصناعي والثقافي العام .
في المدن التاريخية توحيد الطابع التصميمي لم يأتي إلا بمميزات على المستوي الجمالي للمدن وعلى المستوي الاقتصادي وعلي المستوي التقني والصناعي للدول.
مدينة مثل مدينة باريس تستقطب سنويًا اعدادًا هائلة من السياح وكان لتوحيد الطابع المعماري للمدينة في القرن التاسع عشر ومازال دور في جذب السياح للمدينة، كما أنه روج للصناعة البناء الفرنسية وحرفها على مسنوي العالم.
وهناك الكثير من الأمثلة في منطقتنا ومدننا مثل مدينة الدرعية التاريخية (حي الطريف)ومثل منطقة جدة التاريخية التان تتميزان كل منهابطابع معماري موحد جميل والتي اعتمدتها منظمة اليونسكو في عام 2010 لحي الطريف و 2014 لجدة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي .
وكلها الأن تلعب دورًا جاذبًا للسياحة ، وفي زمنها القديم ساعدت على ازدهار صناعة وحرف البناء المحلي ( مازالت حتى يومنا هذا تشكل أمثلة مستدامة نستلهم منها عمارتنا الحديثة ) .
الطابع المعماري دائمًا ما تحدده كل الاجراءات المتخذة في المدينة من أنظمة وقوانين ومتطلبات اقتصادية وتجارية وصحية واجتماعية وبيئية وفنون تصميمية و صناعية وبنائية ، المشكلة تكمن في ان كل ذلك قد يحصل بدون الانتباه إلى فكرة توحيد الطابع فتخرج المدن بطابع مشتت متنافر غير منظم يفتقد إلى الجمال و الجذب البصري .
كما أنه لا يساعد على أن تركز التجارب التصميمية والتقنية على أمثلة موحدة ، يمكن أن تطور من خلالها قواعد تصميمية وصناعية موحدة يمكن أن يستند عليها التطوير الهندسي والصناعي في البناء .
الأمثلة هنا كذلك كثيرة وهو ما حدث ومازال يحدث في تلك المدن والمناطق التي لم تتفق على مناقشة ودراسة الطابع المعماري الموحد بطريقة شاملة .
فالمحاولات التي جرت في الماضي لتحديد طابع معماري في منطقتنا كان الكثير منها غير مقنع ولو كانت الرغبة متوفرة ، وذلك نظرًا لعدم تحديد طابع موحد وشامل ومعاصر ، ولأنها كانت تستند على النقل الحرفي من الأشكال التاريخية ، التي كانت لا تتفق مع الجوانب الثقافية والتصميمية والتقنية المعاصرة. ولذلك كان التوجه إلى النقل من التصاميم الغربية أمرًا سهلًا كونه يتفق مع علوم وصناعة البناءالحديثة .
الناشر ورئيس التحرير
إضافة تعليق جديد