يفسر هذا العنوان ما يعنيه من انتشار مقدمي النصائح والاستشارات في مجال البناء على وسائل التواصل الاجتماعي . الكثيرون من هؤلاء مدعين دخلوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي بأهداف مادية ليظهروا بدور الناصح الامين . فهذا لديه متابعين يفوقون المائتي ألف ولكنه يدعو إلى أن تكون نوافذ مساكننا ثابتة لا تفتح بحجة التوفير وإذا أردنا التهوية فعلينا فتح أبواب مسكننا ! ولوكان كلامه هذا صحيح لكانت مصانع الألومنيوم والزجاج في العالم قد وفرت على نفسها كل الأبحاث والتطوير التى تدفع بها سنويًا لتحقق المزيد من الراحة والحماية والأمان لمستعمليها . وأخر يقدم منتج عجيب يوفر العزل المائي والحراري في آن واحد ولا تتعدي سماكته ٤ سم ! فهل تكفي لتقي مبانينا حراريًا من طبيعة مناخنا الحار الذي تزداد حرارته كل عام . وثالث يقدم نصائح في التصميم المعماري تعود لمائة عام مضت وكأننا لسنا بحاجة إلى المزيد من البحث والابتكار في تصميم مبانينا التي تواجه اليوم تحديات ومتغييرات متلاحقة اقتصادية واجتماعية وبيئية .
المشكلة الكبيرة أنهم يصلون لكل الناس وخاصة هؤلاء الذين يبحثون عن النصح والتوفير في بناء مسكنهم ، ولأن مدننا هي التي سوف تعاني من هذه الممارسات ، فهي تتضر في قيمها وثقافتها،وهي تتضرر في جمالها وبيئتها ، وهي تتضرر في تقنياتها واقتصاديتها ، وهي تتضرر في جودة حياتها ومستقبلها وأخيرًا في قيمتها التي تستمدها من مبانيها وتصاميمها وتنفيذها . المشكلة أكبر لأنهم يجدون من يدعهم ماديًا ليبثوا هذا التخلف في عقول الأبرياء .
وهكذا مع الأسف تمر الأيام والسنين وتتوسع مدننا وتزداد مشاكلها وتفقد من قيمتها ، وفي رأيي أننا لم نصنع ونفعل حلول مثالية للتصميم والبناء التى تناسب خصوصياتنا الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية ، فمعظم ما نبنى هو إما مستورد أو مقلد من مناطق أخرى ذات خصوصيات اقتصادية وثقافية واجتماعية وبيئية لا تناسنبا . في ظل غياب هذه الحلول يستطيع كل مدعي أن يفتي ويتدخل . هذا الواقع يجب أن يدفعنا إلى ضرورة إيجاد مؤسسات أو مراكز تعنى بشئون البناء المحلي ومشاكله وتخصص وتوجه أبحاثها ودراستها وتوجه وتفعل التقنية لكي تحل مشاكل البناء الخاصة بسوقنا ولكي تضع حلول نرجع إليها و تحد من غزو وتدخل هؤلاءالمنتفعين والمستغلين بدون وجه حق لسوق البناء المحلي ليس فقط من خلال التواصل الاجتماعي بل من الكثير من وسائل الاعلام . ونحن بذلك لن نصنع العجلة من جديد لأن كثير من العلوم و التقنيات والأبحاث في العالم متوفرة ويمكن الاستعانة بها في تطوير تقنيات بناء خاصة بنا اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا وبيئيًا .
الناشر ورئيس التحرير
إضافة تعليق جديد