الكاتب:
معماري / سلطان فادن
مختص باستدامة المدن
شارع غونشالو دي كارافاليو
بمدينة بورتو دي اليغري – البرازيل
في جمهورية البرازيل بلد أشهر الغابات الاستوائية ، وبلد أشهر التجاوزات على تدمير الغابات الاستوائية ، حتى مؤخرا ، هناك مدينة تعتبر صغيرة مقارنة بباقي المدن البرازيلية ، لايزيد عدد سكانها عن 1,6 مليون نسمة ، اسمها بورتو دي اليغري Porto De Alegre( ميناء المرح) . عمر هذه المدينة لا يتجاوز الـ 230 عاما ، أي يتزامن تقريبا مع تأسيس معظم المدن في العالم التي تأسست بعد الثورة الصناعية الحديثة و بالتحديد بداية نمو المدن حول العالم و بداية التحضر بصفة عامة.
في هذه المدينة المميزة يوجد شارع مميز جدا ، وصفه احد المدافعين عن البيئة بأجمل شارع في العالم : هو شارع غونشاو دي كارافاليوGoncalo De Carvalho.
لا يتجاوز طول هذا الشارع 500 متر ، ولكن على إمتداد هذا الشارع تصطف الاشجار شامخة على طرفي الشارع و مكونة غابة مصغرة داخل هذه المدينة. إصطفاف هذه الاشجار في هذا الشارع أعطت إنطباع رائع و شخصية مميزة لمن يمر بهذا الشارع ، حتى ليضيع الاحساس أنك داخل مدينة أم داخل غابة.
ولكن ، هذا الشارع ليس الأجمل في العالم فقط بسبب إحتواءه على غابة من أشجار من نوعية التيبوانا الكثيفة . هذا الشارع هو الاجمل بسبب أنه خلال السبعين عاما الماضية ( وهو عمر بداية زراعة الأشجار بالشارع) خلال هذه السنوات حافظ أهل هذه المدينة و القاطنين بها على نمو الأشجار بالشارع ، حافظوا قانونيا و نظاميا على البقاء على أشجار شارعهم من القطع و التدمير.
ففي عام 2005 م ، تطلب إنشاء مبنى مواقف للسيارات على أحد طرفي هذا الشارع الى هدم جزء من غابة الأشجار هذه . حينها وقفوا ساكني الشارع ضد عمليات الهدم بالنظام و القانون ، و أولا بالتأكيد بالمسئولية الانسانية ، و كان لهم ما أرادوا.
هذا ماتحتاجه البيئة الطبيعية في عصرنا الحديث ، وقفتنا مع الطبيعة . فكل مكونات البيئة التي حولنا اليوم واحد من اثنين : بيئة طبيعية أم بيئة اصطناعية. و الجواب للسؤال المفترض يبقى واضحا ، خلال السنوات الماضية للعصر الحديث تعدت البيئة الاصطناعية على الطبيعية كثيرا ، و تجاوزتها حتى لغت من ذاكرة الناس ما هو الاصل في خلق الأرض. فيما عدا مثل هذا الشارع ليبقى احدى الدلائل و يقول أبحث عن الأصل. شارع واحد طوله 500 متر مقابل أكثر من 11 مليون ميل من شوارع السيارات حول العالم. لذلك فقط هو أجمل شارع في العالم.
يقول سبحانه و تعالى في محكم كتابه ( ….والسماء رفعها و وضع الميزان* ألا تطغوا في الميزان* وأقيموا الوزن بالقسط و لا تخسروا الميزان * و الأرض وضعها للانام * فيها فاكهة و النخل ذات الاكمام* …) سورة الرحمن.
إضافة تعليق جديد