تجاهل أم إتكالية ؟
كلنا نعرف أن مرحلة تحويل الدراسات والمخططات المعمارية إلى مباني حية واقعية تتطلب إدارة حكيمة وتحتاج إلى خبراء متعددين في مجالات مختلفة فالتعامل هنا سيكون مع عدد كبير من الموردين ومع مقاولين متخصصين، لذلك فإن عملية التنسيق نفسها تشكل عصب «إدارة المشاريع»، على أن هذا المفهوم يبدو غائباً عن العديد من المؤسسات الحكومية التي تقوم بتنفيذ مشاريع بمليارات الريالات لكنها تعتمد على إدارة ضعيفة للإشراف على هذه المشاريع. من وجهة نظرنا أن هذه الحالة لا يمكن قبولها، فالعبرة ليست في إطلاق المشاريع بل بالمقدرة على تنفيذها بشكل سليم، وهذا مطلب في حد ذاته يبدو أنه مهمل أو غير معترف به وكأن المشاريع يمكن أن تنفذ هكذا دون متابعة أو إدارة. هذه الاستهانة بإدارة المشاريع ـ للأسف ـ تكلفنا الكثير وتجعلنا نحصل على مشاريع سيئة مقارنة بالمبالغ الكبيرة التي ندفعها، وهذا في حد ذاته يضر بالأجيال القادمة ويدخل اقتصادنا الوطني في دوامة كبيرة لإدامة وتشغيل وصيانة هذه المشاريع التي لم تدار بالطريقة الصحيحة. في اعتقادنا أن أحد الاسباب الرئيسة التي تؤخر مشاريع الدولة في الوقت الراهن، هو عدم استعداد الجهات المسئولة عن المشاريع بإدارة واعية خبيرة ومتمكنة من إيصال المشروع إلى بر الأمان. المشكلة الأخرى من وجهة نظرنا هي استمرار الضعف الواضح في كفاءة مسئولي إدارات المشاريع، وهذا الأمر غير مبرر فكيف يمكن لإدارة أن تستمر ضعيفة وهي تخوض تجارب كبيرة ومعقدة تمكنها من إكتساب خبرات كفيلة بإنضاج هذه الإدارة. المبرر الوحيد لهذا الوضع هو أن هناك إتكالية كبيرة من قبل من يدير هذه الإدارات على آخرين أغلبهم غير مواطنين، الأمر الذي يفوت الفرصة بشكل واضح على بناء الخبرة الوطنية. للوهلة الأولى يتضح لنا أن من يستمر في مثل هذه الإدارات الهزيلة هم كبار الموظفين الذين لايعملون في الميدان، بينما كل الموظفين الصغار الذي يكتسبون الخبرة يبحثون عن أماكن أخرى أكثر فاعلية وتقدر جهودهم بالطريقة الصحيحة على المستوى المادي والمعنوي. المشكلة هنا هي أن إدارات المشاريع في المؤسسات الحكومية لا تأبه بهذا النزيف ولا تعي أنها بيئة عمل طاردة، وأن هذا يبقيها ضعيفة ويجعلها دائما تعتمد على الخبراء الأجانب وأن هذا يقلص الفرصة لبناء كوادر هندسية وطنية، فطالما أن كبار موظفي هذه الادارات يأخذون أكثر من حقوقهم، فتطوير الادارة نفسها لا يعني شيء بالنسبة لهم. في اعتقادنا أنه من الضروري أن يتم إعادة تنظيم هذه الإدارات داخل المؤسسات الحكومية أو إعادة فكرة «وزارة الأشغال»، رغم أن وزارة الأشغال وقعت في المحظور البيروقراطي بدلاً من أن تركز على البعد الاقتصادي والمهني والابداعي. ما ندعو له هو تطوير هيئة حكومية لإدارة المشاريع تكون مسئولة عن جميع المشاريع الحكومية، ونعتقد أنه في حالة تبني فكرة تأسيس مثل هذه الهيئة سوف نحقق مجموعة أهداف منها حماية المال العام وتوطين الخبرة الهندسية الوطنية والتعجيل في تنفيذ المشاريع بنفس الجودة وبنفس الروح. هذه الفكرة هامة في تلك المرحلة، لكننا نتمناها هيئة بفكر إداري متطور وبعيدة عن البيروقراطية وتعمل جاهدة مع كل المؤسسات في وطننا من أجل تحرير العمل الهندسي من اختطاف الخبرات الاجنبية.
رئيس التحرير
shehab says
من واقع خبرتى الممتده على مدى 10 سنوات فى المملكه وخبرتى فى اعمال المقاولات لمدة تزيد عن 30 عام فإن السبب الرئيسى فى تأخر جميع المشاريع هو عدم اعطاء المشاريع الاهتمام الكافى فى الدراسه والتصميم قبل طرحها وكذلك عدم تحميل الاستشارى اية مسئوليه عن تأخر المشاريع مما يجعله لا يبالى بهذا الامر وقد يتعمد التعنت مع المقاول فى امور تافهه