Educational Buildings
Nature, Ecology and Environmental Design
إعداد : م. لولوة إبراهيم أباالخيل
تعد المباني التعليمية الأكثر استخداماً بعد المباني السكنية، فهي بمثابة البيت الثاني للصغار والكبار من الطلاب من كافة فئات المجتمع، حيث يقضون معظم أوقاتهم داخل هذه المباني ليتعلموا فيها. فالمدارس تبنى لتأمين التعليم لكافة المواطنين سواء في المدن أو القرى.
الجهات المسؤولة عن المبنى التعليمي:
تقع مسؤولية إنشاء المدارس على ثلاث جهات رئيسية: الحكومة أو الجهة صاحبة المشروع، والمصممين والمنفذين . فالحكومة تلعب دوراً هاماً في العملية التعليمية من خلال بناء المدارس ووضع الخطط والبرامج التعليمية بالإضافة إلى التمويل والصرف على المشروعات، ووضع معايير خاصة لبناء المدارس مثل التوفير في استهلاك الطاقة واختيار المواد وقواعد وأنظمة السلامة وغيرها التي تساعد في تحقيق مبنى تعليمي متكامل، بالإضافة إلى إعداد دراسات الجدوى للمباني التعليمية والبرنامج الوظيفي والمساحي، الموافقة على طريقة البناء وإبرام العقود مع الجهات القائمة على التصميم والهندسة.
مسؤولية المصممين :
المصمم هو المسؤول عن تصميم مبنى تعليمي ذو كفاءة عالية يحقق جميع أهداف العملية التعليمية والتربوية ويكون مشجعاً على التعليم وكسب المعرفة، فلذلك يلعب التصميم دوراً هاماً وفعالاً في أداء الطلاب والعملية التعليمية والتربوية ككل. فعند تصميم المباني التعليمية يجب الأخذ في الإعتبار عدة أهداف يجب تحقيقها منها :
– تقوية العلاقة بين المبنى والعملية التعليمية والتربوية من خلال توفير مساحات داخلية ذات مرونة عالية تتناسب مع مختلف الأنشطة والاستخدامات وتكون دافعاً لتطوير التعليم وعاملاً محفزاً لكسب المعرفة والتعليم، وتعد المرونة في تصميم المدارس من أهم المعايير حيث تساهم في سهولة تغيير التوزيع الداخلي والتوسعات المستقبلية مع مرور الزمن.
– تحديد العلاقة بين المبنى والمنطقة التي يقع فيها، حيث يمكن الإنتفاع من المبنى بعد الدوام المدرسي أو في مواسم العطلات بحيث يسمح التصميم باستعمال فراغات المبنى من قبل سكان الحي لإقامة بعض الأنشطة أو الفعاليات الإجتماعية، أو يتم إضافة مباني سكنية ومراكز اجتماعية في نفس موقع المدرسة لتشكيل كتلة بنائية واحدة للأحياء.
– تقوية العلاقة بين المدرسة والطلاب والمدرسين وذلك من خلال مشاركة الطلاب والمدرسين في تصميم أو بناء المبنى حيث يساعد ذلك على رفع مستوى ثقة الصغار في أنفسهم والثقة في قدراتهم.
– تحديد علاقة المبنى مع محيطه وربطه به سواء كان ذلك على شكل مباني أو فضاءات طبيعية وكيفية دمجها مع المبنى وهي جداً مهمة في تطوير وتحسين العملية التعليمية بالنسبة للطالب.
– مراعاة معايير المحافظة على البيئة من خلال كفاءة الطاقة والتوفير في الماء وإدارة النفايات وكفاءة المواد والآلات المستخدمة .
– مراعاة المعايير الإجتماعية والإقتصادية ومعرفة مدى تأثيرها على التعليم والطلاب.
تحقيق البيئة الصحية والمستدامة داخل المباني التعليمية :
عند إنشاء مبنى تعليمي ذو بيئة صحية مرتبطة بالطبيعة ومستدامة، فإن ذلك يساعد على إيجاد مبنى ذو كفاءة عالية يساعد في التقليل من نسبة الغياب للطلاب ويشجعهم على التعلم. المدارس المرتبطة مع الطبيعة والبيئة المحيطة تساعد في إنشاء جيل يتمتع بوعي كامل للواقع وقادر على اتخاذ قررات ذات أثر مضاعف ومؤثر في المستقبل. كما تساعد الطلاب على تطوير مهاراتهم التعليمية وتزيد من ثقافتهم حول المباني التي يستخدمونها، كما تساعدهم بالإحساس بالمسؤولية في استخدام الطاقة وتوفيرها.
لكن في كثير من الأحيان نجد أن المباني التعليمية اليوم بعيدة كل البعد عن الطبيعة وغالباً ماتكون مباني تقليدية وعادية تنشئ جيل لا يفهم ولايندمج مع الطبيعة المحيطة به. في اسكندنافيا ظهرت حركة لربط المدارس بالطبيعة اطلق عليها مدارس الغابة The forest school حيث أنشئت مدرسة ابتدائية باستخدام الخشب كمادة أساسية لإنشاء المبنى وكوسيلة تعليمية، وتعتمد على مبدأ أن أي شيء يمكن فعله داخل الفصل يمكن فعله خارج الفصل في البيئة الطبيعية. كما أن الأطفال يجب أن يرتبطوا مع الطبيعة بشكل مباشر مما ينشئ جيل يتمتع بمهارات اجتماعية قوية، وقادر على العمل ضمن مجموعات بشكل فعال، بالإضافة إلى جيل ذو ثقة عالية في قدراته ومواهبه ولديه مسؤولية تجاه أوطانهم والمحافظة على البيئة الطبيعية فيها. في بعض المدارس حول العالم حققت توازن بين التعليم في الطبيعة والفصول الدراسية التقليدية من خلال ربط الطبيعة مع البيئة التعليمية داخل المدرسة والمناهج التعليمية.
كما أن هناك عدة أسباب تفسر لماذا على في المباني التعليمية يجب أن نضع البيئة من أولويات المتطلبات في تصميمها. أولا تعد المدارس مكاناً يتعلم جيل المستقبل فيه كيف يتعامل مع البيئة من حوله ويتأثر بها، حيث يمكن تحقيق ذلك بتوفير مدارس تقدم مستوى عالي في التوفير في الطاقة أو من خلال إنشاء بيئة تعليمية ذات تصاميم توضح للطلاب الأنظمة والتقنيات المستخدمة للتوفير في الطاقة مما توفر فرص مناسبة للطلاب بالإندماج مع المبنى ومعرفته بشكل مباشر بالأنظمة والتقنيات التي تساعد في استدامة المبنى.
المشاريع التي يستعرضها العدد :
نستعرض في هذا العدد خمسة مشاريع من المباني التعليمية في أنحاء مختلفة من العالم والتي تميز تصميمها المرتبط مع محيطها من طبيعة ومباني.
المشروع الأول لمدرسة داخلية في البرازيل من تصميم مكتب Aleph Zero and Rosenbaum وهي عبارة عن مجمع تعليمي متكامل يوفر كافة الإحتياجات للطلاب ولا يجعلهم يحسون بالغربة أو ببعدهم عن عائلاتهم ومنازلهم ، استخدمت في بنائه مواد محلية ، كما تم دمجها مع طبيعة بإستخدام أفنية داخل المبنى توفر له التهوية الطبيعية في وسط المناخ المداري الحار الذي تقع فيه المدرسة.
المشروع الثاني لمركز تعليمي في بورتلاند لمكتب Behnisch Architekten، وفي هذا المشروع يرتبط المبنى بمحيطه ويتصل مباشرة مع مبنى قديم ، وفي سعي التصميم للحفاظ على البيئة تم الإستعاضة عن التكييف المكني للحد من التلوث من أجهزة التكييف، من خلال استخدام استراتيجيات التكييف السلبي والتهوية الطبيعية.
المشروع الثالث عبارة عن مدرسة للفنون في مدينة برشلونا الإسبانية من تصميم مكتب Carme Pinós Desplat وهي جزء من تطوير ساحة جاردونيا في وسط المدينة. حيث تم دمج المبنى مع محيطه من مباني وبيئة، وتم الإستفادة من الإضاءة الطبيعية باستخدام فتحات نوافذ كبيرة ومساحات داخلية مفتوحة.
المشروع الرابع لمدرسة رياض أطفال تقع في كوريا من تصميم مكتب Unsangdong Architects، صممت المدرسة بطريقة تشجع على الخيال والأحلام الخصبة للأطفال فالفكرة التصميمية لا تعتمد على تقديم تصميم محدد المعالم والتفاصيل بل هو عبارة عن مجموعة مكعبات ذات مرونة شكلية عالية تساعد الأطفال على التخيل وإستيعاب أنشطة مختلفة ومتعددة توفر للأطفال بيئة تساعدهم على التخيل والتعبير عن أحلامهم.
المشروع الخامس لمركز لرعاية الأطفال يقع في أسبانيا من تصميم مكتب Javier Perez Herreras. يقع المركز على منحدر جبلي، يهدف التصميم إلى الإندماج مع طبيعة الموقع الجبلية ويستغل منحدرات تضاريسه لتصل بين مستويات المبنى من الداخل كما صمم شكل المبنى على هيئة صخرة ضخمة وتم بنائه من حوائط خرسانية ظاهرة على طبيعتها لتحقيق زيادة في الدمج بين طبيعة الصخور والخرسانة الظاهرة.
إضافة تعليق جديد